اجتاحت كورونا العالم , وفاجئته , فلم يكن من المتوقع ان ينقلب العالم في ايام قليلة راسا على عقب , فقد غيرت كورونا العالم في جميع نواحي الحياة وفرضت استخدام التقنية الحديثة في كافة الميادين : السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية والتعليمية .
هذا وتباينت الاراء بين مؤيد ومعارض لمداهمة التكنولوجيا عالمنا التعليمي, فاصبح الطالب والاهل هما الفئة المستهدفة في العملية التعليمية , حيث انتقل التعليم فجاة من التعليم المباشر الى التعليم عن بعد , فبعدما كان المعلم هو اساس العملية التعليمية اصبح الطالب معتمدا على ذاته في تلقي ,فهم ,تحليل العلوم والمعارف عبر تقنية حديثة عليه – على الاقل في الوطن العربي – .
فماذا عن التربية؟؟
اعتاد الطالب الذهاب الى المدرسة والتعامل مع اقران يشبهونه في بيئته , مستواه الاجتماعي , اهتماماته .... (فالصاحب ساحب) فلا بد ان يتاثر شخصية الطالب باقرانه , فضلا عن احتكاكه بمعلمه مصدر المعلومة والميسر لها , كل هذا حتما سيترك اثرا في نفس الطالب .
ان الطفل الاردني مثلا يقضي ما يصل الى الف ساعة سنويا في المدرسة , فلا بد هنا ان يتاثر الطالب بمحيط مدرسته , لا بد من ان يتعلم كيف سيتعامل مع اقرانه , كيف سينعكس هذا الوقت على شخصيته في تكوين الصداقات , في التعامل مع اصدقائه بجميع اصنافهم الجيد والسيئ , فلم يعد في هذه الحالة دورا كبيرا للمنزل فمعظم وقت الطفل في المدرسة (خارج المنزل ) لكن في زمن الكورونا اين انعكاس هذا التاثير على شخصية الطفل بل اين التربية؟!
ان التربية عملية تفاعلية بين قيم ومعتقدات وسلوكات صحيحة واخرى خاطئة , قد يرى البعض ان المدرسة لا دور لها في التربية وهنا اقول لهم ان التعليم ما عاد بالشكل القديم فقد اصبح التعليم الان تعليما تفاعليا, بمعنى استلم الطالب دفة العملية التعليمة فقد اصبح هو من يفكر بحرية ويكتسب مهاراته والمعارف من مصادر تعليمية متنوعة , وانحسر دور المعلم في التوجيه , المراقبة و التقويم , هذه المفردات لها ابعاد تربوية كبيرة تؤثر على حياة وشخصية الاطفال.
ان التربية عملية ونتاج محاولات مقصودة لتشكيل الخبرة من خلال التوجيه والتقويم , وهي بذات الوقت عمليه تكيف الفرد مع بيئته التي يعيش فيها, ومن هنا نجد ان هدف التربية هو احداث تغيير ايجابي في النفس الانسانية , وطالما ان الطفل / الطالب يقضي ساعات طويلة في المدرسة فلا بد من ان يتضح دور المدرسة جليا في التربية .
باعتقادي كما استطعنا ان نواكب العصر في ظل جائحة كورونا واتجهنا نحو التعليم عن بعد ونجحنا به – مع افتراض ذلك – فلا بد من ان نجد طريقة لتمكين نهج تربوي قويم في نفوس اطفالنا ايضا ولو عن بعد .
المراجع :