كلا الأمرين القود والدية يثبتان نتيجة حصول القتل ، إلا أن الفرق بينهما في سبب وجوبهما ومحله :
- فالقود : يعني القصاص وهو قتل القاتل قصاصاً على قتله وسبب ثبوته هو وجود " القتل العمد العدوان ".
وتعرف العمدية بكون الاعتداء حصل بما يقتل غالباً ، كطعنه بحديدة أو آلة تقتل غالباً أو رميه بحجر ثقيل يقتل ، أو خنقه أو غير ذلك من طريق القتل ..
أما العدوان فيعني أنه ليس فيه للقاتل حق وإنما هو مجرد عدوان ، و كونه بحق مثل قتل الزاني المحصن فهذا قتل بحق أو قتل القاتل .
فإذا وجد هذا السبب ثبت الحكم وهو القصاص متى توفرت باقي الشروط من المكافأة وانتفت الموانع كالأبوة ، ويكون القصاص حقاً لأولياء الدم إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا إلى الدية أو عفوا مطلقا بلا مقابل .
وسميت القود قوداً لأنه في الغالب يربط القاتل ويقاد بالحبل لإقامة القصاص عليه .
قال تعالى " يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)
- أما الدية فهي كما عرفها العلماء " المال الواجب بالجناية على النفس أو ما في حكمها ".
فسببها في الأصل الجناية على النفس أو الأعضاء خطأ أو شبه عمد ، وتجب كذلك في العمد إذا عفا أولياء الدم عن القصاص إلى الدية .
ويقال أول من سنها عبد المطلب جد النبي عليه الصلاة والسلام وأقرها القران والرسول عليه السلام فصارت شرعاً .
وقيمة الدية تختلف باختلاف محل الجناية ، فقد تكون مئة من الإبل كما لو كانت جناية على النفس أزهقت الروح أو قطع اليدين معا مثلاً ، وقد تكون أقل وقد تكون أكثر على تفاصيل مذكورة في باب الديات .
قال تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) ".
والله أعلم