لطالما كان يُراودني هذا السؤال منذ زمن أذكر أني سألت معلمة التاريخ في إحدى المرات لماذا لا نتحدث اللغة الإنجليزية مثلاً أو الفرنسية لماذا العربية تحديداً ولما لا نتحدث جميعنا نفس اللغة لنتواصل بشكل أفضل فلا نحتاج إلى مترجمين ودراسة لغة وغيرها؟
حقيقةً لا أذكر تماماً ماذا كان جوابها حينها ولكن ما اتذكره حقاً هو أن التنوع اللغوي كبير في هذا العالم وله أسباباً متعددة وقد يكون لأصل اللغات ونشأتها دور في التعدد اللغوي.
عندما بحثت أكثر في هذا الموضوع وجدت أن التنوع رهيب جداً في مناطق واسعة من العالم حيث يصل عدد اللغات حول العالم ما يزيد عن 7000 لغة مختلفة حتى أن هناك مناطق ذو مساحة كبيرة لكن التنوع اللغوي قليل جداً مقارنة بمساحتها والعكس بالنسبة لبعض المناطق والجزر الإستوائية الصغيرة على سبيل المثال فيتحدث الناس في روسيا 105 لغة أصلية بالرغم من مساحتها مقارنة ببعض المساحات الأخرى.
إليكَ بعض أسباب تنوع واختلاف اللغات :
- أسباباً تاريخية تعود لمئات والآف السنين كثير منها كان نتيجة تاريخ الحروب والأنظمة السياسية والعسكرية القائمة في العديد من الدول مثال على ذلك، الهند خلال المائة عام الماضية أثناء رحلة كفاحها للحرية الوطنية فكانت تسمى برج اللغات أو متحف اللغات حيث تم تقسيم المناطق فيها على أسس لغوية إلى أن تم إعتماد 22 لغة قانونياً منها، السنسكريتية ثم الفارسية، الماراثية الكانادا بالإضافة إلى اللغة الهندية باعتبارها اللغة الأم (الوطنية).
- سبب آخر للتنوع اللغوي الذي حصل خلال هذه السنوات المتلاحقة يعود إلى أن اللغة تتبع قاعدة تطورية وهذا التطور يُحدث اختلافات لغوية بين وقت وآخر و استطيع القول أن اللغة تشبه جينات الإنسان تنتقل من جيل إلى جيل وقد تحدث طفرات بين الحين والآخر،
على سبيل المثال كان البشر منذ القدم يعبروا عن الكلام بالرسم على جدران الكهوف والقصور ثم تطورت اللغة فاستخدموها بطريقة خلاقة ومفهومة وهكذا حتى أصبحت ما نتحدثه ونكتبه في كل بقاع الأرض. - السبب الجغرافي له دور أيضاً في انتشار اللغة بصورة مرتبة وغير عشوائية مثلاً في المناطق الإستوائية تتنوع اللغة بشكل كبير أكثر من المناطق الأخرى؛ فالسكان في جزر فانواتو يتكلمون 110 لغة مختلفة بالنسبة إلى عددهم البالغ 250 ألف شخص في المقابل السكان في بنغلادش يتكلمون 41 لغة نسبة إلى سكانها الذي يفوق سكان جزر فانواتو أضعاف مضاعفة،
فيعود هذا السبب لجغرافية المنطقة فكلما إقتربت من خط الإستواء تعددت اللغات أكثر وذلك تبعاً لخطوط العرض الدنيا في المناطق ذات المساحات الصغيرة وهكذا.
بالإضافة إلى نقطة مهمة وهي أن معدلات هطول الأمطار قد تزيد من الكثافة السكانية في منطقة ما أكثر من غيرها فيمكن أن يجتمعوا من مناطق مختلفة لوفرة المياه في منطقة محددة، ويتبادلوا اللغات على إختلافها فوجدوا أن تنوع اللغات يقل في المناطق الجافة مثلاً كالمناطق الداخلية في استراليا.
من وجهة نظري أن الإنسان هو الذي أحدث هذا التنوع في اللغة، جميعنا ولدنا بعقل ولكن هنالك ميزات متعلقة باللغة تُحدث فارقاً و اختلافات (التطور) كما تحدثت سابقاً.
فالجنين في رحم أمه يسمع ما يقال من ترددات صوتية قبل ولادته فعندما يولد يكون قد سمع ما يكفي من اللغة وحتى أنه قبل عمر السنة يستطيع أن يفرق بين اللغة التي يسمعها خاصةً، ثم يبدأ باكتساب اللغة المنطوقة من حوله وقد يتعلم لغة جديدة في سن مبكر لأن الدماغ مستعد لذلك فهو لا يعلم ما هذه اللغة ما يهمه أن يتعلمها فقط ثم يكبر وينتقل لمكان آخر فينقل ما تعلمه من باب التواصل والحديث مع من حوله لا أكثر.
المصادر :
Essay on Linguistic Diversity in India
Why do humans speak 7000 different languages?