أولاً : يجب أن تؤمن أن الله سبحانه هو الذي خلق الكون على أحسن تقدير ، وأنه سبحانه حكيم عليم خبير ، يعلم ما الذي يصلح لخلقه ، وأحكامه سبحانه كلها عدل وحق لا عبث فيها ولا جور .
قال تعالى " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ " ( الملك ، 14 ).
وقال تعالى " وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ " ( الأنعام ،115 ).
ثانياً : أن لكل مخلوق خلقه الله غاية وحكمة من خلقه ووظيفة هيئه الله لها ، وكرم الله من خلقه الإنس بالعقل والتكليف وسخر لهم كثيراً من مخلوقاته الأخرى في هذا الكون لتعينهم على القيام بوظيفتهم التي خلقهم لأجلها وهي عبادة الله وحده لا شريك له .
قال تعالى " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " ( الإسراء ، 70 ).
وقال تعالى " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ۚ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " ( الجاثية ، 13 ).
وكان من ضمن ما سخره الله للإنسان هذه الحيوانات والدواب ، إذ جعل فيها منفعة للإنسان وقواماً لعيشه وحياته في هذه الأرض .
قال تعالى في سورة النحل - وهي سورة النعم - :
"والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون *وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم " ( 5-7) .
فهذه الأنعام والدواب خلقها الله لعدة حكم ومقاصد منها تسخيرها للإنسان لينتفع بها سواء في طعامه وغذائه أو ركوبه وذهابه أو لباسه ودفئه أو بيته وسكنه .
ولتحقيق هذه المقاصد أحل الله للإنسان ذبح هذه الحيوانات وصيدها ليتحصل منها على المنافع التي سخرت لأجلها .
ثالثاً : من النقطة السابقة يظهر أن الله لما أحل للإنسان ذبح هذه الدواب لم يكن ذلك عبثاً ، ولم يأذن بذبحها لمجرد التسلية واللعب وإنما يحل مثل هذا الذبح لتحقيق مصلحة الإنسان ، أما إذا كان عبثاً وتسلية فيحرم مثل هذا الذبح .
جاء في الحديث " لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً " (ٍرواه مسلم ) .
يعني لا يجوز جعل ذوات الأرواح هدفاً في الصيد لمجرد الصيد والتسلية ، وإنما إذا أردت الصيد للأكل فنعم أما لمجرد العبث فلا .
والحديث المشهور في دخول امرأة النار بسبب هرة حبستها حتى ماتت من الجوع .
رابعاً : ثم إن الله لما أحل ذبح الحيوانات بين الطريقة المشروعة لذلك وهي أن يكون في هذا الذبح إحساناً لها ، بسرعة إزهاق روحها وعدم تركها تتعذب ، وذبحها بطريقة لا تكاد تشعر معها بالألم وهي الذبح بقطع الودجين والبلعوم والمريء ، فحتى في ذبح الحيوانات لا بد من الإحسان .
جاء في الحديث عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. " ( رواه مسلم ).
والله أعلم