جلست مع الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون متى يصمتون، يتكلمون كثيراً ومعظم كلامهم ليس له داع، وكثيراً ما يكون كلامهم مزعج، أعتقد أن هذه العادة طبع في الإنسان، ولكن إن كان الإنسان يريد أن يحسن ويطور من نفسه، وإن كان مدركاً أن هذا الطبع مزعج وقد يضره أكثر من أن ينفعه، فيمكنه بالطبع أن يتخلص منه، حين يكون واعياً بنفسه وبلسانه أكثر.
أنا من الأشخاص الهادئين الصامتين في معظم الأحيان لأنني بطبعي لا أحب أن أتكلم إلا عند الضرورة، ولكنني في نفس الوقت حين أتكلم, أقول ما في بالي وقلبي بشكل مباشر، لا أعرف اللف والدوران ولا أعرف المجاملات، ولكن في بعض الأوقات علي أن أتأنى لأن ليس كل ما في قلبي صالح لأن يسمعه الناس ويعرفه غيري.
فأول شيء أفكر به حين أتكلم، هل ما سأقوله ضروري؟ وإن لم يكن ضرورياً هل سيكون مؤذياً؟ و إن لم يكن مؤذياً هل سيكون نافعاً؟ هل الموضوع الذي سأتحدث به في الأساس يخصني؟ أم أنني إن تحدثت به سأصبح متطفلة؟
فإذاً، إن كان الأمر لا يخصني بتاتاً فأنا في غنى عن أن أتدخل به، أولا لأنه من غير اللائق التدخل في شؤون الآخرين، ثانياً لأن التدخّل دائماً ما تكون نهايته سيئة على الشخص المتطفل، ثالثاً إن كان الأمر لا يخصني فأنا هنا لا أملك المعلومات الكافية التي تجعلني كفؤاً لأن أتدخل حتى ولو كان تدخلي واجب. أعني أنه في بعض الأحيان حين يكون التدخل واجباً، في حال وقوع ضرر إن لم يتدخل شخص ما، إن كان ليس بإستطاعتي إنقاذ الموقف، فعلي التنحي جانباً لأنني قد أزيد الطين بلة.
التفكير في العواقب، ماذا سيحدث إن لم أتكلم وماذا سيحدث إن تكلمت؟ تقدير الموقف الحالي ومحاولة دراسته بسرعة.
أكثر ما يهمني. التفكير قبل التحدث، أحب التكلم مع الأشخاص الذين يفكرون بما سيقولونه قبل أن ينطقوا بأي كلمة، أصحاب الكلام الموزون والعقلاني والكلام الذي في محله. والذين يلتزمون الصمت عندما لا يحملون في جعبتهم جواهر يجب نطقها.
الأمر صعب بعض الشيء، معرفة
متى تتحدث ومتى تصمت، ولكن كل ما يحتاجه هو الوعي بالذات، والتفكير بالكلام وتقدير الموقف، كلما زاد وعيك بذاتك، تحليلك لتصرفاتك ودراستها، كلما زاد اقتناعك بأهمية الصمت أحياناً ووجوب التحدث أحياناً أخرى.
1020 مشاهدة
