لم تشارك الصين في حروب منذ عام 1979، عندما قامت الصين بغزو فيتنام لمدة شهر، وكان جيش الصين وقتها قد عانى من خسائر بشرية كثيرة، على الرغم من انه جيش مميز من ناحية العدد، ومنذ تلك الحرب، تعلمت الصين الدرس، وبدأت بالعمل على تحديث جيشها منذ ذلك الوقت، وبشكل خاص في عهد الرئيس الحالي "شي جين بانغ".و يلقب جيش الصين بجيش التنين، لأنه الآن واحد من أقوى الجيوش في العالم.
كان تحول الجيش تحولا مذهلا بالفعل، فكيف بنت الصين جيشها الامبراطوري؟في الحقيقة، تتبع الصين مبدأ اسمه "شنزان" أي الحذر من الحرب، ويعتقدون بأن خوض مائة حرب حتى لو انتصرت فيها جميعا، ليست بالقرار الحكيم، وأن "الحكمة تكمن دوما في في كسر مقاومة الأعداء دون القتال في ساحة المعركة" ، تلك كانت كلمات المنظر العسكري الأهم والأشهر في تاريخ الصين "سين تزو"، وهي كلمات تختصر عقيدة بكين التي ظلت لقرون طويلة مهيمنة على التفكير بطريقة عسكرية، واورثت البلا استراتيجية دفاعية، فهي كانت على مر التاريخ تهمل البحر، وتهتم بالبر، و جيشها ذو عدد هائل من الجنود المحاربين، مما يمكنها من التصدي لأي غزو عسكري مهما كان متفوقا، مثل المغول والهان والاتحاد السوفييتي.
ثم مرت مئات السنين وجاء "ماو تسي تونغ" بالشيوعية، ليقود عبر شخص يدعى "لي بياو" للقيام بإصلاحات عسكرية كبيرة، قبل أن يقتل بياو في تحطم طائرة عام 1981، وقيل ايامها ان ماو هو من كان وراء قتله، خوفا من سطوته ونفوذه في الجيش، وكان حادث تحطم الطائرة قد شكل بداية مرحلة الصدام بين الحزب الشيوعي والعسكر،حيث انتصر الحزب الشيوعي.
وبعد سنوات، بدأت بالانفتاح الاقتصادي على العالم، وتحولت الصين الى مصنع كبير، وامتلكت الثروات الضخمة والاستثمارات الهائلة، وفي نفس الوقت كانت تقوم أمريكا باستعراض قوتها ضد الجيش العراقي خلال
حرب تحرير الكويت عام 1991، حيث كان الصينيون وهم على بعد الاف الكيلومترات، يراقبون كيف تضرب القوات العراقية من قبل القوات الأمريكية، بوابل من الذخائر الموجهة بدقة، واستنتجت الصين أن عليهم الاستعداد لمعركة، مع خصم يستطيع الضرب بقوة و بدقة وسرعة مهما كانت الحالة الجوية، وأن الصين مضطرة للانخراط في منافسة عسكرية تقنية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية، وانهم بحاجة الى خطة.
وفي عام 1993 أمر الرئيس الصيني "
جيانغ زيمين" الاستعداد لخوض حروب محلية، في ظل التكنولوجيا المتطورة العالية، أي أنه يقصد أن الحروب ستكون محدودة المناطق الجغرافية والأهداف والمدة، وستستخدم الأسلحة عالية التقنية.
وفي عام 1996 قدم الصين عرضا عسكريا صاروخيا، في المياه المحيطة بتايوان، وردت أمريكا بعرض عسكري بحري كبير في غرب المحيط الهادئ، حيث لم تتمكن الرادارات الصينية من تعقب المجموعات البحرية الامريكية، لأن أجهزة الاستشعار الخاصة بالصين لم تتمكن من الاستهداف بعيد المدى.
وبعد ثلاث سنوات وأثناء حرب الناتو ضد صربيا،
ألقت أمريكا خمسة قنابل على السفارة الصينية في بلغراد، واعتذرت أمريكا وقالت أنها كانت قد رمت القنابل عن طريق الخطأ إلا أن الصين رفضت الاعتذار، وكان هذا دافعا لتقوم الصين بزيادة قوتها، ولا أقصد هنا القوة العددية، إنما القوة التكنولوجية، وهي أمر مكلف رفعت الانفاق العسكري الصيني الى 620% وتهدف الاستراتيجية الحديثة للصين الى خمسة أمور هي:
أولا : التجسس الصناعي والتقني والانصهار المدني العسكري
ثانيا : تطوير القدرات لإدارة حرب تدمير أنظمة القيادة والاستخبارات المعادية
ثالثا : الهجوم بفاعلية عبر ترسانة من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى لاختراق العدو في أول مراحل الصراع
رابعا: تطوير القدرات السوداء اي الأسلحة الحديثة الخفية التي لا يتم اكتشافها وتستخدم لمباغتة الأعداء
خامسا: الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
إذا الصين اليوم قوية اقتصاديا و عسكريا و تسعى للتفوق التقني بشكل واضح.