إن كان تركك للصلاة السنوات الماضية سببه التقصير والتهاون مع علمك بوجوبها عليك ،فلزوم قضاء هذه الصلوات مسألة خلافية بين الفقهاء ، والأرجح أنه لا يلزمك قضاؤها وإنما عليك الإكثار من صلاة النوافل والتوبة والاستغفار إلى الله عما سلف من تفريط منك .
وبيان مذاهب العلماء باختصار : أن الصلوات التي تركتها تهاونا تعتبر عند جمهور العلماء دينا في ذمتك لله يلزمك قضاؤها، وحسابها يكون بالاجتهاد والتحري ، يعني مثلا لو مكثت 5 سنوات لا تصلي فإنك تضرب عدد أيام السنة في 5 صلوات في عدد السنوات ، والناتج هو عدد الصلوات التي يلزمك قضاؤها ، وإن حصل عندك شك في عددها فتأخذ بالأحوط بحيث تعتبر نفسك لم تصل في الأيام التي تشك في صلاتك فيها .
أما الطريقة التي يمكن قضاء هذا العدد الكبير من الصلوات ، فبأن تصلي مع كل صلاة حاضرة ما بتقدر عليه من الصلوات الفائتة ، والأحسن قبلها ولكن لو فعلتها بعدها فلا بأس لأن الترتيب سقط في هذه الحال للمشقة والحرج ، حتى يغلب على ظنك أنك صليت جميع الصلوات الفائتة ، وبعض العلماء يقولون تقضي في كل يوم صلاة يومين على الأقل من الأيام الفائتة.
ولكن يرى بعض العلماء – وهو مذهب الإمام أحمد - أن ترك الصلاة بالكلية تهاونا وكسلا كفر أكبر لحديث النبي عليه الصلاة والسلام ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) ( رواه مسلم) ، وعلى هذا المذهب لايلزم قضاء الصلوات الفائتة عما مضى من السنين لأن فاعل ذلك لم يكن مسلما خلال هذه الفترة ، وإنما عليه أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة والتزام أدائها.
ويرى ابن تيمية رحمه الله أنه من ترك أي صلاة متعمدا بدون عذر فلا يقضيها حتى ولو لم يحكم بكفره ، ليس تخفيفا وإنما تشديدا عليه فكأن هذا النقص والخلل الذي فعله أعظم من ان يجبره بالقضاء ، وإنما عليه الإكثار من التوبة والاستغفار إلى الله ، وقد بينا الأرجح في بداية الجواب .
وكل ما سبق فيمن ترك الصلاة كسلا او تهاونا ، اما من تركها جحودا أو استهزاء فإنه لا يعد مسلما باتفاق العلماء ولا قضاء عليه ، لأن غير المسلم لايقضي ما فاته من عبادات قبل إسلامه ، وكذلك من تركها جهلا بوجوبها ولايوجد من يعلمه ويرشده فلا يلزمه قضاء ما فاته قبل معرفته بالوجوب.
وعليك ان تعلم ان الله يفرح بتوبة عباده ويحبها ويقبل على من يقبل عليه فإن علم منك صدقا قبلك ، والله أعلم .