ضاربت الأخبار في عمر سيدنا آدم عليه السلام فمنهم من قال أنه عاش ألف سنة ومنهم من قال تسعمائة سنة وستا وثلاثين سنة، وأهل التوراة يزعمون أن عُمر آدم عليه السلام تسعمائة سنة وثلاثون سنة، ورُويَ مثل هذا عن جماعة، منهم سعيد بن جبير، وابن عباس.
ومن الروايات التي وردت في هذا السياق:
روى أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : قال الله تعالى لآدم حين خلقه : ائت أولئك النفر من الملائكة قل السلام عليكم، فأتاهم فسلم عليهم، وقالوا له: عليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه، فقال له : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم. ثم قبض له يديه، فقال له خذ واختر. فقال: أحببت يمين ربي وكلتا يديه يمين، ففتحها له فإذا فيها صورة آدم وذريته كلهم، وإذا كل رجل منهم مكتوب عنده أجله، وإذا آدم قد كتب له عمر ألف سنة، وإذا قوم عليهم النور، فقال: يا رب، من هؤلاء الذين عليهم النور؟ فقال: هؤلاء الأنبياء والرسل الذين أرسلهم إلى عبادي، وإذا فيهم رجل هو من أضوئهم نورًا ولم يكتب له من العمر إلا أربعون سنة. فقال آدم: يا رب، هذا من أضوئهم ولم تكتب له إلا أربعين سنة، بعد أن أعلمه أنه داود - عليه السلام - فقال: ذلك ما كتبت له. فقال: يا رب، انقص له من عمري ستين سنة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فلما أهبط إلى الأرض كان يعد أيامه ، فلما أتاه ملك الموت لقبضه قال له آدم: عجلت يا ملك الموت! قد بقي من عمري ستون سنة. فقال له ملك الموت: ما بقي شيء، سألت ربك أن يكتبه لابنك داود. فقال: ما فعلت ! "
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فنسي آدم فنسيت ذريته، وجحد فجحدت ذريته فحينئذ وضع الله الكتاب وأمر بالشهود ."
وروي عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أول من جحد آدم ثلاث مرار، وإن الله لما خلقه مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرضهم على آدم، فرأى منهم رجلا يزهر، قال: أي رب، أي بني هذا؟ قال : ابنك داود. قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة. قال: زده من العمر. قال الله تعالى: لا، إلا أن تزيده أنت. وكان عمر آدم ألف سنة، فوهب له أربعين سنة، فكتب عليه بذلك كتابًا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم أتته الملائكة لتقبض روحه، فقال: قد بقي من عمري أربعون سنة. قالوا: إنك قد وهبتها لابنك داود. قال: ما فعلت ولا وهبت له شيئا. فأنزل الله عليه الكتاب، وأقام الملائكة شهودا. فأكمل لآدم ألف سنة، وأكمل لداود مائة سنة " .
وَهَبَ آدمُ داوودَ عليها السلام أربعين عامًا من عمره و بهذه المنحة يكون قد استنفذ أربعين عامًا من عمره وبذلك يكون قد ابتدأ عمره من سن الأربعين.
والذي أراه في النّهاية أنَّ عمر الأنبياء وزوجاتهم وذرياتهم لم تكن معرفته بالأهمية التي توازي علمنا بأهمية ما صنعوا في حياتهم وما قدّموا لنا من عقيدة ثابتة واضحة، وإلا لوجدنا معلومات جلية كجلاء عقيدتنا وتوحيدنا تُظهر لنا عمر كل نبي وتفاصيل حياته الدقيقة، ولكن لم يكن؛ لأن اهتمام ديننا ينصبّ على العلم النافع والإنجاز والسّعي وراء ما يرفع قيمة أمتنا بين الأمم، أمّا ما سوى ذلك فهي علوم علمها لا ينفعنا وجهلها لا يضرنا والله أعز وأعلم.
المراجع:
ابن الاثير 555- 630 هـ/ الكامل في التاريخ/ بيت الأفكار الدولية/ص23
ابن جرير الطبري/ تاريخ الأمم والملوك/ بيت الأفكار الدولية/ ص57