الحيوانات التي تعيش على أكل النفايات وخشاش الأرض وأوساخها تسمى عند الفقهاء باسم (الجلاّلة)
والجلالة: اسم يشمل أي حيوان يتغذى على النجاسات، سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج، أو الإوز، أو غيرها من الحيوانات المأكولة.
-قال الإمام النووي رحمه الله: " وتكون الجلالة: بعيرا، وبقرة، وشاة، ودجاجة، وإوزة، وغيرها.
وللفقهاء عدة أقوال في حكم الجلاّلة:
القول الأول: قول الحنابلة: فقد حرموا أكلها إلا بعد أن تحبس لمدة ثلاثة أيام بلياليها ويتم إطعامها طعاماً طاهراً حتى تنتهي النجاسة منها.
- كما يحرم لحم الجلاّلة يحرم لبنها وبيضها أيضاً، أما إذا كانت تتغذى بطعامٍ طاهرٍ، وتأكل النجاسات في بعض الأحيان فهذا لا يضر؛ لأنه لا يؤثر في لحمها، وكذا لو خلط غذاؤها بنجاسة ولم يؤثِّر في لحمها كما هو الحال الآن في غذاء الدجاج، إذ يدخل في خلطته الدم فهذا لا يؤثر. والله أعلم.
- وعَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنْ الْجَلَّالَةِ، وَعَنْ رُكُوبِهَا، وَعَنْ أَكْلِ لَحْمِهَا) رواه النسائي وحسنه ابن حجر في "الفتح " وكذا حسنه الألباني في " صحيح سنن النسائي".
وقال النووي: "ولو حبست بعد ظهور النتن، وعلفت شيئا طاهرا، فزالت الرائحة، ثم ذبحت فلا كراهة فيها قطعا، وليس للقدر الذي تعلفه من حد، ولا لزمانه من ضبط، وإنما الاعتبار بما يعلم في العادة أو يظن أن رائحة النجاسة تزول به، ولو لم تعلف لم يزل المنع بغسل اللحم بعد الذبح، ولا بالطبخ وإن زالت الرائحة به"
القول الثاني: الحنفية والشافعية: أن "الجلالة" لا تعتبر إلا أن يظهر تأثير أكلها للنجاسات في لحمها ورائحتها، فإذا تأثرت في لحمها ورائحتها، بحيث تغير لون لحم الحيوان الذي يأكل القاذورات أو تغيرت رائحته فعندها لا يكون حراماً.
- قال ابن قدامة رحمه الله: "فإذا كان أكثر علفها النجاسة، حرم لحمها ولبنها، وإن كان أكثر علفها الطاهر، لم يحرم أكلها ولا لبنها".
القول الثالث: قالوا بأن حكم أكل الحيوان الذي يقتات من القاذورات مكروه.
القول الرابع: وهو قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فإذا كانت تأكل الطيب والقبيح، وأكثر علفها الطيب، فإنها ليست جلالة، بل هي مباحة، ومن هذا ما يفعله بعض أرباب الدواجن يعطونها من الدم المسفوح من أجل تقويتها أو تنميتها فلا تحرم بهذا ولا تكره؛ لأنه إذا كان الأكثر هو الطيب، فالحكم للأكثر "
القول الخامس: إذا كان الحيوان تغذى قليلاً على القاذورات لكن أغلب طعامه من الطيبات، فهذا لا يشمله حكم الجلالة.
- قال الخطابي رحمه الله: " فأما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحَبَّ، وكانت تنال مع ذلك شيئاً من الجِلَّة، ليست بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها، وغالب غذائه وعلفه من غيرها: فلا يكره أكله.
القول السادس: إذا كانت القاذورات والقمامة التي تتغذى عليها الحيوانات لا تحتوي على شيء من النجاسات وإنما هي فضلات الأطعمة ونحو ذلك، فلا حرج في أكل لحمها وليست بجلالة.
- وفي هذا الرأي يقول بعض تلاميذ الشافعية ورواية عن الإمام أحمد أنه يحرم، وعلى كلا القولين لا حرج على من أكل من لحم الجلالة أو شرب لبنها إذا كان ناسياً أ وجاهلاً أو مكرهاً على القول بالتحريم لقول الله تعالى: "رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" سورة البقرة: 286 قال الله قد فعلت. رواه مسلم.
- ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". رواه الطبراني.
- والله تعالى أعلم.