هل حقاً العمل عبادة؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نعم هو عبادة متى كان مباحاً وكانت نية صاحبه أن يكسب مالاً حلالاً يغنيه عن سؤال الناس ويكفيه نفقته ونفقة من يعول، ويعينه على طاعة الله في هذا الحياة.

فالعمل هو سبيل الرجل الأصلي لكسب الرزق وتحصيل المال، ولا ينبغي للرجل أن يكون بلا حرفة ولا عمل يكفيه مؤونة هذه الحياة، لذلك "ضرب عمر رضي الله عنه عاطلاً ليس له حِرْفة، وقال له: "إن السماء لا تُمطِر ذهبًا".

والشرع حث على العمل ونهى وذم القعود والكسل والاعتماد على صدقات الناس كما جاء في الحديث عند البخاري رحمه الله أن رسول الله قال (لأنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ على ظهْرِهِ فيأتي بحزمةٍ منَ الحطبِ فيبيعُها فيكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ خيرٌ مِنْ أنْ يسألَ الناسَ أعطوْهُ أوْ منعوهُ).

ومدح الشرع المال الصالح للرجل الصالح كما قال النبي عليه السلام (نعم المال الصالح للرجل الصالح).

وجعل الشرع نفقة الرجل على زوجته وأهل بيته صدقة يؤجر عليها الرجل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه (إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى ما تَجْعَلُ في فَمِ امْرَأَتِكَ)

بل جعل النبي عليه الصلاة والسلام أفضل الصدقات التي تنفقها على أهلك كما جاء في الحديث (دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك).

وإذا لم يكن عندك عمل تعمله يدر عليك رزقاً يكفيك فمن أين لك أن تنفق على أهلك!

وقد جعلت الشريعة تضييع من تعولهم إثما كما جاء في الحديث (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت).

وما دام أن نفقتك على أهلك عبادة تؤجر عليها فالوسيلة إلى أداء هذه العبادة عبادة أيضاً، والعمل هي الوسيلة الطبيعية لذلك فكانت عبادة أيضاً.

ولكن حتى يكون العمل عبادة حقاً فإن عليك أن تراعي أموراً:

1. أن تحتسب النية في عملك بأن تنوي فيه طاعة الله فيما أمرك بالسعي في الأرض والإنفاق على نفسك وأهل بيتك وكفايتهم حاجتهم، وبدون هذه النية فإنك تفقد الأجر ويصبح العمل مجرد عادة لا عبادة.
فاستحضار النية هو الفارق الأساسي بين كون العمل عبادة أو كونه عادة، فمن احتسب فيه الأجر صار عبادة في حقه ومن لم يحتسب بقي عادة لا يؤجر عليه.

2. أن تتحرى في عملك الحلال والالتزام بأحكام الله، فتبتعد عن الغش والتدليس والربا وأكل أموال الناس بالباطل.

3. أن تؤدي حق الله فيما يأتيك من أموال فتعطي الزكاة وتعين الناس وتساعدهم.

4. إذا كان عملك فيه تعامل مع الناس وقضاء معاملاتهم فإنك بمساعدتك للناس وقضاء حاجاتهم وتسهيل أمورهم، يكون عملك عبادة أعظم وأعظم إذ نفعك يتعدى لغيرك، فاحرص على مساعدة الناس وقضاء حوائجهم وتسهيل أمورهم، حتى يسهل الله لك أمرك.

والله أعلم

  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة