لم يرد نص خاص أن التسبيح يغير القدر ، ولكن روي في الأحاديث أنه لا يرد القدر إلا الدعاء ، والتسبيح نوع من الدعاء ، لأنه يعتبر دعاء عبادة لا مسألة ، وهو اعظم من دعاء المسألة إذا فعله العبد باستحضار ونية ، فيمكن أن يدخل في عموم الدعاء الذي يرد به القضاء ، على التفسير الصحيح طبعا لكيفية رد الدعاء للقضاء .
وبيان ذلك :
روى الترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ ) ( والحديث صححه العلماء ).
والقضاء له حالتان :
- حالة كونه في علم الله ، فهذا لا يحصل عليه تغيير ، يعني لا يمكن أن يكون في علم الله أن فلان يحصل معه كذا ثم يدعو هذا الإنسان بدعاء فيكون هذا الدعاء سببا لتغيير ما علم الله أنه كائن ، لإن في ذلك نسبة الجهل إلى الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، او أنه سبحانه يريد أمرا ثم يحصل شيء فيبدو له أمر آخر شأنه شأن البشر حاشاه سبحانه ، وكذلك فيه إنكار أن الله خالق أفعال العباد .
وهذه اللوازم كلها باطلة لا يصح القول بها لأنها مخالفة لقطعيات العقيدة.
- حالة كون هذا القضاء مكتوبا في اللوح المحفوظ أو في صحيفة الإنسان مع الملائكة ، كالملك الموكل بنفخ الروح فيه .
فالقضاء المكتوب في صحيفة الإنسان مع الملائكة يمكن أن يتغير ، ويكون سبب هذا التغيير هو دعاء العبد ، فيكون مثلا قد قدر له كذا من البلاء بحسب صحيفة الملك ثم يدعو العبد ربه فيرفع الدعاء هذا البلاء ، مع علم الله السابق بذلك كله ، فهو سبحانه يعلم أن دعاء العبد لربه سيكون هو السبب في دفع هذا البلاء عنه .
وقد يكون مكتوبا أصلا في صحيفة الملك ـو اللوح المحفوظ أن هذا العبد سينزل به بلاء ولكن دعاءه سيكون سببا في رفعه وتخفيفه ، فيكون معنى رد القضاء هو القضاء الذي كان سيقع لولا دعاء العبد ، فيكون الدعاء من جملة الأسباب التي تؤدي إلى نتائج.
ثم الدعاء نوعان :
- دعاء مسألة : وهو الذي يدعو العبد فيه ربه بما فيه نفع ومصلحة له في دينه ودنياه .
- دعاء عبادة : وهو الثناء على الرب وتمجيده وتسبيحه وتهليله ونحو ذلك مما فيه تعظيم للرب.
فالتسبيح من دعاء العبادة ، فيمكن أن يقال أنه من الدعاء الذي يندفع به البلاء عن العبد ويرد القدر بالمعنى الموضح آنفا .
والله أعلم