نعم أسلم سيدنا عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه ، بعد فتح مكة بعد سنين طويلة من عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصار من أجلاء الصحابة ، وسامحه رسول الله على عداوته له قبل إسلامه واستغفر له وفرح بإسلامه كثيرا ، ونهى الصحابة أن يؤذوه في شان أبيه او يسبوا أباه ( أبا جهل ) في حضرته ، وثبت رضي الله عنه على إسلامه وحسن إسلامه ، وصار من قادة جيوش المسلمين ، وشارك في حروب الردة وكان من قادة بعض الجيوش ، ثم شارك في فتوح الشام ، وكان في جيش المسلمين في معركة اليرموك ، ولما اشتدت المعركة بايع على الموت مع جماعة من الصحابة والمسلمين فقاتلوا قتالا شديدا حتى استشهد عكرمة ومن معه في تلك المعركة .
وروي في سبب إسلامه قصتان :
قيل : أنه هرب من رسول الله لما فتح مكة لأن رسول أهدر دمه لشدة عداوته له ، فلما ركب البحر هاج البحر وماج ، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة : أخلصوا فان آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا ، فقال عكرمة : لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص ، ما ينجيني في البر غيره ، اللهم إن لك عليَّ عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه آتي محمدا فأضع يدي في يده ، فلأجدنه عفوا كريما ، قال : فجاء فأسلم.
وقيل أن زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت سبب إسلامه ، حيث أنها أسلمت في فتح مكة وحرصت على هداية زوجها ، فأخذت الأمان له من رسول الله ثم لحقت به تتبعه حتى تحضره لرسول الله ، فتبعته في قصة مذكورة في السير حتى أدركته ثم جاءت به إلى الرسول عليه السلام فأمنه وأسلم وحسن إسلامه ، ثم قال له رسول الله : ( لا تسألني اليوم شيئا أعطيه أحدا إلا أعطيتكه ) ، فقال عكرمة : فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها ، أو مسير وضعت فيه ، أو مقام لقيتك فيه ، أو كلام قلته في وجهك أو وأنت غائب عنه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك ، فاغفر له ما نال مني من عرض في وجهي أو أنا غائب عنه )
فقال عكرمة : رضيت يا رسول الله ، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدٍ عن سبيل الله إلا أنفقتُ ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله.
وصدق رضي الله عنه في وعده حتى قتل شهيدا في معركة اليرموك .
والله أعلم
28 مشاهدة
