سؤالك قد يسأله أي شخص لنفسه مهما كانت ظروفه، واعلم أنّه مهما كانت ظروف الإنسان فإنّ الإجابة عن هذا السؤال تبدأ من الشخص نفسه، ولا يمكن للآخرين غالبًا أن يجيبوا عليه، فالآخرين لا يمنحوك شكلًا أو هوية، حتى الأهل أنفسهم لا يمنحوك هوية ثابتة.
اعلم يا عزيزي أنّ هوية الإنسان تتشكّل من عوامل عدة، منها البيئة والمحيط الاجتماعي، والعامل الديني والثقافي، لذا اسأل نفسك دائمًا، ما الذي أود معرفته عن نفسي؟! إنّ أفضل ما يمكن أن يساعد الإنسان على معرفة نفسه هو خوضه للتجارب المختلفة، وانفتاحه على علاقات مع فئات متنوعة من الناس، وخلال ذلك عليه أن يعي كيفية تفاعله مع كل ذلك.
كما أن بقاءك واعيًا ومدركًا لانفعالاتك تجاه الأشياء، وأفكارك عنها، وتعاملك معها يكشف لك الكثير عن نفسك، مثل: تفضيلاتك، ومخاوفك، وأحلامك وطموحاتك، وهواياتك، وأهدافك، وأطباعك الشخصية، وقدراتك ومواطن تميزك، ونقاط ضعفك، وما تحبه وما تكرهه، حيث يُمكنك البدء بكتابة إجابات لهذه المحاور وهذا ما سيُساعدك على معرفة نفسك.
عزيزي إن كنت واعيًا بما سبق يمكنك أن تطور نفسك بستمرار، وتعالج نقاط ضعفك وتتسامح مع أخطائك، وتحترم قدراتك وذاتك، حيث إنّ احترام الذات أساس الصحة النفسية واتزان التفكير، وليس بالضرورة أن تكون أفضل وأنجح شخص في العالم كي تحترم ذاتك، فالفشل والخطأ جزء من حياة أي شخص، ولا يعني ارتكابك الأخطاء أنّك شخص غير جدير بالاحترام، كما أنّ ذلك ليس مبرراً لجلد لذاتك.
وتذكر أنّ ما يعده الآخرون خطأً لا يعني أنه خطأ دائماً، فكثيرًا ما يخطئ الناس في الحكم على بعضهم البعض بسبب المظهر، أو الوضع المادي، أو الجاه، وهي أمور لا يختارها الشخص غالبًا، وعليك الانتباه من الأشخاص الذين يهتمون بالمظاهر ويطلقون الأحكام على الآخرين والابتعاد عنهم.
ومن المهم أن تعرف أنّ نفسك وذاتك ليسا كتابًا جاهزًا للقراءة تود معرفته أو دراسته، فهي دائماً قيد التغير والتَشَكّل، لكن عليك أن تكون واعيًا دومًا، واطرح على نفسك الأسئلة دائمًا وأجب بصدق، كن صريحاً مع نفسك، فإن وجدت عيبًا حاول أن تغيّره، وإن وجدت أيّ أخطاء فحاول أن تتسامح معها ولا تقع بها مرة أخرى، وإن وجدت جانبا مميزًا طوره.