اعتبره شخصيًا شعور مميز جدًا لا يوجد شيء آخر في هذه الحياة يماثله؛ فهو مزيج من الإنجاز والرضا عن النفس والسعادة وتحقيق الغاية من الحياة. وما يجعل هذا الشعور يستحق التحقيق هو تحفيزه على إفراز هرمون الدوبامين؛ الذي يشعرك بالسعادة والرضا، ويدفعك إلى إنجاز الهدف الذي يليه.
تتركز أهمية شعور تحقيق الأهداف أنه لا يقتصر على تحريك مشاعر معينة في نفسك فقط؛ فستخرج من كل هدف قمت بتحقيقه كنسخة جديدة تختلف عن تلك التي بدأت بها. فتحقيق الأهداف يحتاج إلى تغير بعض العادات وقطع بعض الأشخاص والصعود في شخصيتك لشخصية أخرى متطورة تناسب الهدف المرغوب به، ستجد نفسك تتعلم مهارات جديدة، وتنسَ حقيقة تعلمك في ما سبق بعض السلوكيات غير المثمرة.
يعتقد معظمنا أن الشخص المميز والنسخة الأفضل منك هي نتاج تحقيق الأهداف الكبيرة فقط، وهذه الفكرة خاطئة تمامًا؛ فتحقيقك للأهداف الصغيرة كفيلة بتحفيز شعور السعادة والإنجاز في داخلك ويعتبرها عقلك سببًا كافيًا لإفراز هرمونات الدوبامين التي ذكرتها سابقًا. فسواء قمت بإنجاز المهمة الأولى من المشروع أو قمت بتسليم المشروع بأكمله؛ ستشعر بتلك المشاعر التي تدفعك على الاستمرار والتقدم إلى الخطوة التي تليها، فكن فخورًا وقم بالاحتفال -ولو بكوب من القهوة- على تحقيق أهدافك حتى ولو كانت صغيرة وذرية.
للأسف الشديد تصبح المشاعر الناتجة عن تحقيق الأهداف ذات أثر سلبي عندما نعقد كل آمالنا وسعادتنا عليها؛ فنقرر في ذات أنفسنا أننا سنبدأ بالعيش في سعادة وسيصبح للحياة معنى عند تحقيق الهدف، ونعمل بجد للوصول لرغد الحياة الذي سلبنا أنفسنا منه طوال طريق النجاح الطويل، لنجد أنفسنا في نهاية الطريق حاملين النجاح في كفة والبؤس محمول بالكفة الأخرى.
أحد الأمثال الصينية القديمة التي تلخص لنا الفكرة التي أحاول إيصالها لك هو "الرحلة هي المكافأة"؛ فبغض النظر عن تفرد شعور تحقيق الأهداف عن غيره سيبقى دومًا شعورًا لحظي وهش لا تبنى عليه السعادة والأحلام. أغلب المشاهير والأثرياء الذين عانوا من بعد نجاحهم وتحقيق أهدافهم من الاكتئاب ظنوا أن نجاحهم سيحل المشاكل والحزن الذي كانوا يعانون منه في بداياتهم؛ فمشوا في طريق النجاح يحققون هدفًا وراء الآخر، ينظرون إلى ذلك الطريق على أنه نفق مظلم لا نور ولا سعادة فيه إلا في نهايته، ليجدوا عند انتهائهم من تحقيق أهدافهم أرضًا قاحلة أكثر بؤسًا من تلك التي خرجوا منها.
فلا تربط نجاحاتك وتحقيقك للأهداف في المشاعر التي تواليها، ولا تعتبرها المكافأة الكبيرة حتى؛ وإذا كنت ترغب بربط ذلك الشعور بأي شيء، أجعله شعورًا يدفعك على الاستمرار في تحقيق غاية حياتك. حياتنا قصيرة وغالية جدًا لكي نربطها بأحلام وردية وهمية مثل الوصول إلى خط النهاية في السباق.
السعادة ليست مكافأتك على قيامك بأمور معينة أو لتحقيقك لأهداف محددة؛ السعادة حق من حقوقك البشرية الطبيعية، وعادة تكتسبها بممارستها بشكل دائم. كما أن الشعور بالسعادة من مسؤوليتنا، ومن مسؤوليتنا أيضًا القيام بتحقيق الأهداف التي تعطي الحياة رونقها؛ فالافتقار للتقدم الناتج عن تحقيق الأهداف يعد من الأمور التي ستقف في وجه سعادتك إذا لم تقم بتحقيقها. فأعمل على تحقيق أهدافك للشعور بالإنجاز، واستمتع في كل خطوة ولحظة في الطريق.