ما هو سر سعادة الدنيا كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٧ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الدنيا هي دار إبتلاء وامتحان، ومكان المشقة والتعب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا دومًا كيف نجعل من دنيانا نوارًا لنا فلا يحزننا ابتلاء ولا يبكينا هم، وعلمنا أيضًا كيف نجعل أيامنا عامرة مُسعِدة، وكيف نُطمئن قلوبنا وغيره من تعاليم إسلامنا التي لو بحثنا عنها في السنة النبوية، لأُبهِرنا بجمالها وحكمتها العظيمة.

- ما هو سر السعادة؟
الإنسان يمضي عمره منذ خلقه إلى أن يٌبعث في البحث عن السعادة، فيجرب كافة الطرق التي تؤدي إلى السعادة حتى لو كانت في عصيان الله تعالى، كسماع الأغاني، وشرب الخمر والتبرج وغيره من ما يغضب الله، ولكن ما يلاحظه لاحقًا أن هذه السعادة مؤقتة تنتهي بانتهاء المُسبب، فيُحبط ويكتئب وهو لا يعلم أين السعادة الدائمة في مرضاة الله أولًا وفي القناعة ثانيًا.

-  قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رواه البخاري، هنا يرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى سر السعادة لمن تدبر الحديث، فيقول أنه من أصبح آمنًا في بيته له مأوًى ومعافًا من مرض أو علة ولديه ما يسد جوعه فكأنه ملك الدنيا، وهذا هو سر السعادة الأعظم ( القناعة)، فكم من غني فقد راحة البال، وكم من فقير يعيش عيشةً أفضل من عيشة الملوك، قال أحد الصالحين: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف" الفرق هنا هو القناعة، ونحن تُحاز لنا الدنيا كل يوم ولا نزال نسخط من أقل الأمور.

- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ، : الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ)، فمن أسباب السعادة أن يكون للمرء زوجة صالحة تعينه على طاعة الله وتخفف أعبائه وتقدم له النصيحة وتكون له كما أمرها الله أن تكون، وأيضًا المسكن الصالح، فإن أحسنت اختيار مكان مسكنك نلت السعادة، كأن يكون في بلد مسلم، قريب من مسجد، له جيران صالحين وبيئة نقية وقلوب صافية، وأيضًا المركب الصالح، كأن تعينه مركبته على قضاء حوائجه وتكون من صناعة جيدة، ولا يقصد بالمركب السيارة فقط؛ بل كل ما يستطيع المرء الركوب عليه من دواب أيضًا.  
 
- عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ) رواه ابن ماجة، فمن أسباب السعادة كثرة الإستغفار وقد قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) } [نوح]، فالإستغفار سبب في مغفرة الذنوب، وإنزال الغيث، ووفرة الرزق من مال وبنين.
 
- نلفت انتباهك أخي هنا إلى هذه اللفتة المهمة والتي تحمل كل مسببات السعادة في قوله تعالى:  {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل:97]،
 وعدٌ من الله والله لا يخلف الميعاد أنه من يعمل عملًا صالحًا فيه مرضاة لله، ومن أطاع الله فالتزم أوامره واجتنب نواهيه، أحياه الله حياة طيبة سعيدة خالية من الهم والكدر والحزن والسوء.

- ومن أعظم مسببات السعادة أيضًا هو ذكر الله تعالى: والبعد عن ذكر الله سبب الشقاء في الدنيا والآخرة قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طـه:124]، وقال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[الرعد، 28]، ومن صور ذكر الله قراءة القرآن، فالقرآن شفاء لما في الصدور، وفيه الراحة والسكينة وكل الطمأنينة، فهو المعجزة الأعظم، والدليل الأكبر، والرسالة الأهم، فمن تمسك به وحمله بقلبه أعطاه الله سعادة الدارين، ومن غفل عنه ضاق مر الحياة.

- أبواب السعادة كثيرة، ففي الذكر سعادة، وفي الصدقة سعادة، وفي الرضا سعادة، وفي الصلاة سعادة، لكن ما ينبغي علينا هو الإقتراب من مسببات السعادة الدائمة والتي ترضي الله تعالى فننال سعادة الدنيا والآخرة، والله ولي التوفيق.