لم يقف أهل العلم على دليل شرعي من القرآن أو السنة يثبت قراءة سورة أو سور معيّنة في ليلة القدر أو يوم عرفة، وعلى هذا، فلم يشرع للمؤمن التعبد بتحديد سور معينة تقرأ في ليلة القدر أو يوم عرفة، أو في زمان معين، أو مكان معين، فيُخشى على المسلم الوقوع بالبدع التي لا تجوز وأن يُرّدُ بذلك الدعاء، ويحرم بذلك عدم القبول.
قال الدكتور العلامة بكر أبو زيد في كتابه (بدع القراء القديمة والمعاصرة)، قال - رحمه الله-: من البدع التخصيص بلا دليل بقراءة آية، أو سورة في زمان، أو مكان، أو لحاجة من الحاجات.
لأن من المقرر عند أهل العلم أن العبادات مبناها على التوقيف، فلا يعبد الله إلا بما شرعه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر لم يرد به نص من الشرع ففعله والتقرب به إلى الله من البدع، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". رواه مسلم.
فالقرآن الكريم كله خير للمسلم، وفي طياته من الأجر العظيم ما يعجز عن وصفه بنو البشر، فحريّ بالمؤمن أن يقرأ من كلام الله تعالى أنّى شاء في أي وقت معين، سواء أكانت ليلة القدر أم يوم عرفة أم غيرها من الأيام الفضيلة.
على الرغم من ذلك، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث تنص على فضل قراءة بعض السور، مثل (سورة البقرة)، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن لكل شيء سناما، وسنام القرآن سورة البقرة"حديث حسن (الألباني، السلسلة الصحيحة: 588).
روي عن أبو الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أَيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَقْرَأَ في لَيْلَةٍ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالوا: وكيفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ القُرْآنِ؟ قالَ: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ". حديث صحيح [صحيح مسلم: 811]
وغيرها من السور والآيات العظيمة التي ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث عليها الصحابة.
وعلى هذا، فإن قراءة القرآن لها أجر عظيم، ولها أثر عظيم في تحقيق السعادة والخير والتوفيق واستجابة دعاء المؤمن.
كما شرع للمؤمن عند قراءته للقرآن الكريم الدعاء وطلب الحاجة والرجاء من الله تعالى، لما ثبت عن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن، يسألون به الناس" حديث حسن [الألباني، صحيح الجامع: 2917]
ومعنى (فليسأل الله به) كما قال المفسرون: أي أن يطلب من الله تعالى بالقرآن ما يشاء من حاجته من أمر الدنيا والآخرة.