من وجهة نظر شخصية أرى أنني قابلة للتغير في كل شيء حتى في الأمور الثابتة نسبيًا (العقيدة، المظهر)، حيث أن التوقف عند أمر معين دون إحداث التغيير فيه يعني الموت المعنوي بالنسبة لي والتوقف عن التعلم واكتساب كل ما هو جديد، فأرى أنه من غير الممكن تحقيق الثبات في هذه الدنيا في مختلف الجوانب النفسية والفكرية والجسدية والعقدية والعاطفية، فنحن لا نعتبر ثوابت ضمن قوانين فيزيائية لا يمكن أن تتغير، وإن كان الأمر كذلك لما كنا وحسب اعتقادي معرضين للحساب والثواب والعقاب سواء في الدنيا أو الآخرة.
التغيير يحدث على كافة الجوانب بالشكل التالي والذي لا يمكن التحكم فيه لتحقيق الثبات:
المظهر الخارجي والبنية الجسدية:
هنالك الكثير من العوامل المؤثرة في المظهر الخارجي وبنية الجسد ومنها العمر والأنظمة الغذائية والممارسات الرياضية، والحالة النفسية والمرضية، كلها مجتمعه تحدث التغيير بشكل يمنع الثبات حتى في مختلف المحاولات. فلا يمكن التعامل مع كل مؤثرات البيئة المحيطة أو المؤثرات النفسية أو مؤثرات العمر لنحقق الثبات.
المعتقد والقيم والثقافة والتقاليد:
المعتقدات والقيم ولثقافة والقاليد معرضه لكثير من التغيير وحسب نظرية التغير الاجتماعي والأسباب المؤثرة فيها نحن الآن في خضم التحول التقني والذي أصبح نوع من أنواع محركات التغيير والتي يؤثر علينا وبشكل كبير ومع مرور الوقت أنا قابلة للتغير والتعديل لأتفق واتسق مع الحياة الجديدة بمعطياتها الحديثة، ولا أنكر أننا في يومنا هذا متغييرين عن 10 سنوات سبقت من الناحية العقدية والثقافية والقيمية سواء بشكل إيجابي أو سلبي فهذا الأمر يعتمد على الشخص نفسه وما له من بنيه معرفية.
الجانب النفسي:
وهذا الجانب جانب متغير وبشكل كبير ولا يمكن أن نحقق الثبات فيه فلا يمكن الحفاظ على خط مستقيم من السعادة والأمن والطمأنينة والثقة بالنفس وتقدير الذات وفي المقابل لا يمكن الحفاظ على خط مستقيم من التعاسة والحزن والألم والدونية وانعدام الثقة، وعليه طبيعة التجارب والخبرات المختلفة التي نتحكم بها مقابل التي لا نستطيع فرض سيطرتنا عليها تجعلنا متغييرين في الجانب النفسي غير محققين الثبات ومن يرى أنه محقق الثبات في هذه الجوانب أرى ومن وجهة نظر شخصية انه لديه خلل ما.
الجانب العاطفي الاجتماعي:
وهنا نحن خاضعين لحاجة من حاجات التواجد والعيش وعلى المستوى الشخصي من خلال العلاقات الاجتماعية وما تتضمنها من مشاعر ونتيجة العوامل الكثيرة المؤثرة على هذه الجوانب لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال تحقيق الثبات، خاصة أنها ترتبط وبشكل كبير بالجانب الفكري السلوكي، ومرتبطة بطبيعة الأثر المترتب فنحن كبشر في الحياة ننتظر دائمًا نتائج العلاقات والمشاعر واي نتيجة لا تحقق الرضا والشعور بالأمن هي معرضه للتغير، أو في حال تعرضت للخل بعد تحقيق الأمن هي معرضه للتغير، مثل الحب ووجود الخيانة ضمن العلاقة الزوجية، فهنا يمكن القول إن مشاعر الحب والتي كانت ثابتة أصبحت متغيرة نتيجة عامل الخيانة.
الجانب الفكري:
ويمكن القول أن هذا الجانب أكثر عرضة للتغير بالنسبة لي فلا يمكن للفكر أن يكون ثابت وإلا وقعت ضحية عدم التطور والتقدم، حيث أن الحياة تتطلب تقبل الاختلاف والتنوع لكل ما هو جديد غير ثابت وعليه الثبات الفكري يعني التوقف نمو البنية المعرفية وفقدان المهارات شيئًا فشيئًا مما يعني توقف النمو في مختلف الجوانب، وأود التنبيه هنا أنه حتى الجانب العقدي الفكري فهو معرض للتغير من حيث الكيفية التي يتم فيها الاعتقاد، فكلما كنا قابلين للتغير كلما كنا قادرين على التطور واكتساب المعارف بشكل أكبر مما يعني تغير طريقة التفكير والتحليل والتركيب والتوصل للنتائج مما يترك أثره على الاعتقاد.
الجانب العملي:
وهنا يمكن القول أن الثبات في الجانب العملي السلوكي يعني توقف النمو تمامًا وفقدان المهارة على التعامل مع تطورات الحياة، فمثلا الرجل الكبير في السن والذي يعمل في مؤسسة معينة وهو رافض للتغير واستخدام التقنيات الحديثة بحجة أنه يمتلك الخبرة الأكبر الذاتية، هو يفقد تطوره ونموه ويصبح بعد فترة غير قادر على البقاء في المكان الذي هو فيه وكذلك الأمر بالنسبة للإنسان في هذه الحياة وأنا أرى نفسي كذلك.
أؤكد من جديد على أننا كبشر غير خاضعين لقوانين فيزيائية إلا في الأمور الخلقية (تكوين جسد)، وبالتالي لا يمكن أن نحقق الثبات في أي جانب من الجوانب، وهذا رأي شخصي قد يخالفني فيه الكثير خاصة فيما يتعلق بالمعتقد، إلا أنني أرى أننا وجميعًا عرضة للمرور بمرحلة قد يقال لها مرحلة الشك والتي تغير الكثير في ما لدينا من معتقد بطريقة إيجابية أو سلبية حسب البنية المعرفية والعلم المكتسب.