ما هو الإعجاز العلمي في حديث (مَثَلُ المؤمنين)؟

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٩ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم وغيره.

فالحديث الشريف يؤكد على التراحم والتواد والتعاطف بين أفراد المجتمع المسلم، والتراحم هو أن يرحم بعضهم البعض أن من أجمل صفة يتصف بها الإنسان هي الرحمة والتراحم.

-وأحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ولا شك بأن التراحم بين الناس المحتاجة والفقيرة له أثر طيب في نفوس الناس الفقيرة، ومما يساعد على التوادد والتآخي بينهم، ويعمل على حفظ كرامة الإنسان من الفقر والجوع والذل ولا شك بأن أعظم هذه الآثار هو التقرب إلى الله عز وجل وله أثر في اجتناب بعض المعاصي مثل السرقة أو الانتحار أو التشرد.

- ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا بالجسد الواحد وما يحدث فيه عندما يشتكي عضو من أعضائه، ووصف لنا ما يحدث عند الشكوى من أن الجسم يتداعى كله بالسهر والحمى، من أجل هذا العضو، وأن الجسم لا يزال يتداعى حتى تتوقف شكوى ذلك العضو.

- كما يعتبر هذا الحديث من جوامع الكلم للنبي صلى الله عليه وسلم والذي يتلخص بكلام قليل ولكنه يحمل في معناه تفسيراً عميقاً لا يعرفه إلا من أهل العلم ومن جرب المرض.
فاس شخص منا إذا مرض منه عضو لا يعرف طعم النوم ولا الراحة وكأن جسمه كله يؤلمه!

- فالحديث الشريف يخبرنا بحدوث شكوى للعضو المصاب على الحقيقة لا على المجاز، وبحدوث السهر أيضًا على الحقيقة، وبكل ما يحمله معنى السهر الحقيقي، سهر الجسد كله، كما ورد في النص (تداعى له سائر الجسد بالسهر).

-والحمى ثانيًا تأتي مع السهر،
وبعد أن يبدأ السهر والسهر يحدث حتى ولو كان المريض نائمًا ولو كان في غيبوبة! هذا ما نفهمه من ظاهر الحديث. - ولا يكون التداعي وهو أن يدعو العضو بقية الأعضاء لتحمل الألم معه، إلا مع وجود الشكوى، فإن لم توجد شكوى لم يوجد تداعي (إذا اشتكى... تداعى). -وقد اكتشف العلم الحديث أنه عند إصابة شخص ما بمرض معين فإنه ينطلق نبضات عصبية حسية من مكان الإصابة والعضو المريض إلى الدماغ، وإلى مراكز الحس والتحكم غير الإرادي، وانبعاث مواد كيماوية وهرمونات من العضو المريض، وبمجرد حدوث ما يتهدد أنسجته، تخرج أول قطرة دم تنزف أو نسيج يتهتك أو ميكروب يرسل سمومه بين الأنسجة والخلايا، وتذهب هذه المواد إلى مناطق مركزية في المخ والأعضاء الحيوية المتحكمة في عمليات الجسم الحيوية، وهي عبارة عن إخبار وإعلام واستغاثة من ضرر ونازلة ألَمَّت بالشاكي.

-والدليل على ذلك فإن الساعد الأيمن مثلًا إذا أُصيب بالمرض، فإنه لا يوجه شكواه إلى الساعد الأيسر، أو الرجل اليمنى؛ لأنها لا تملك توجيه وظائف الجسم لمواجهة المرض، وإنما تنطلق النبضات والإشارات والهرمونات إلى المراكز الحيوية في الدماغ، وهي التي تملك توجيه سائر الجسد لإغاثة العضو المشتكي. - كما أن سهر بقية الأعضاء يكون موجودا حتى لو نامت عين المريض أو تاه عن وعيه، فإن جميع أجهزة الجسم ودورته الدموية وتفاعلاته الاستقلابية، وجهازه التنفسي، والكلى والقلب تكون في حالة السهر الدائم أثناء المرض، ونعني بذلك أنها تكون في حالة نشاط مساوية لحالة اليقظة ومستمرة عليها طوال الليل والنهار إلى أن تزول شكوى العضو المريض.
 
- وبناء على ما سبق: يتبين لنا الإعجاز النبوي في هذا الحديث وأن ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ألف وأربعمائة وأربعون عاماً، حق تحقق اليوم واكتشفه العلم الحديث، مما يدلل أن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، وأن كلامه عبارة عن وحي يوحى إليه من السماء، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين.

- والله تعالى أعلم.