لا يوجد في واقع الأمر أديان إنما هو دين واحد وهو الإسلام بدليل قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) {سورة آل عمران: 19}.
- كما أن جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام قد بعثهم الله سبحانه وتعالى بتقرير توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، كما قال الله سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) {سورة الأنبياء: 25}.
- وعليه: فجميع الأنبياء والرسل كانت دعوتهم هي الإسلام وتوحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وحده دون سواه، وترك عبادة غيره من المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع.
- أما الشرائع: فمن حكمة الله تعالى أنها تختلف عن بعضها البعض بحسب ما يعلمه الله من المصلحة فيما يشرعه لعباده، ثم نسخ الله تعالى كل الشرائع السابقة بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي (شريعة الإسلام) فهي خاتمة الشرائع وأكملها وأوفاها بمصالح العباد في معاشهم ومعادهم وهي ناسخة لكل الشرائع السماوية السابقة ومهيمنة عليها.
- والشرائع السماوية هي عبارة عن ثلاثة شرائع هي:
أولاً: شريعة التوراة: التي أنزلها الله تعالى على نبيه موسى عليه الصلاة والسلام، وكانت موجهة إلى قوم بني إسرائيل (اليهود) فقط، وهي شريعة الجلال والقهر، وفيها الحكم والقصاص بالعدل وإقامة الحجة والبرهان والدليل على الخصم،
ثانياً: شريعة الإنجيل: والتي أنزلها الله تعالى على نبيه عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وكانت أيضاً لبني إسرائيل (النصارى) فقط، وهي شريعة الفضل والجمال والإحسان، وهي شريعة تحث على مكارم الأخلاق من العفو والصفح والإحسان والتسامح.
ثالثاً: شريعة القرآن الكريم: والتي أنزلها الله تعالى على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لتكون رسالة للناس كافة إلى يوم القيامة - وهي صالحة لكل زمان ومكان - وهي الشريعة التي توجب العدل والإحسان وتحث عليه، وتحرم الظلم وقد قال الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ". سورة النحل 90
- قال الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) سورة المائدة (48)
- فهذه الآية تخبرنا عن الأمم السابقة والتي كانت أديانها تختلف بعضها عن بعض في الأحكام، ولكنها متفقة مع بعضها البعض في التوحيد، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات، يننا واحد "
- فالشرائع مختلفة في الأوامر والنواهي والفعل والترك، فقد يكون الشيء في هذه الشريعة حراما ثم يحل في الشريعة الأخرى، وبالعكس، وخفيفا فيزاد في الشدة في هذه دون هذه. وذلك لما له تعالى في ذلك من الحكمة البالغة، والحجة الدامغة.
- قال قتادة - رحمه الله - في تفسيره لقوله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) أي سبيلا وسنة، والسنن مختلفة: هي في التوراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي الفرقان شريعة، يحل الله فيها ما يشاء، ويحرم ما يشاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، والدين الذي لا يقبل الله غيره: التوحيد والإخلاص لله، الذي جاءت به الرسل.