إذا كنت مكانك -عزيزي - سأختار طلب العلم فورًا دون أي تردد بالرغم من أهمية المال العظيمة في حياة الإنسان لأنه وكما يُقال: "لكل مقام مقال"، فبعد تخرجي من الثانوية العامة تعتبر الأولوية الطبيعية هي طلب العلم وإكمال الدراسة الجامعية، أما طلب المال فأولويته تبدأ بعد تخرجي من الجامعة.
ثم إن طلب العلم لن يُتاح في كل وقت، فإذا قدمتُ طلب المال على طلب العلم، على الأغلب سيقل حماسي لإكمال الدراسة الجامعية نظرًا لانشغالي في الأسرة والأولاد ومشاغل الحياة، كما أن الإنسان بطبعه يمل بسرعة من الجلسات الطويلة، فطاقتي في الجلوس مستمعًا لمحاضرة مدتها ساعتين وأنا في الـ 18 تختلف عن طاقتي في سن الـ30 مثلاً!
وفي كل الأحوال -عزيزي- أنصحك بالموازنة بين طلب العلم وطلب الرزق، فإذا كان وضعي المالي سيئًا فالأولوية هنا تكون في طلب المال، كما لا يجوز ترك الواجب العيني من العلوم الشرعية بحُجة السعي وراء الدنيا، والسعيد مَن وضع الأشياء في أماكنها.
وفي هذا الزمن قد تكون الأمور أسهل بكثير، فأنت يمكنك طلب العلم والمال سوية، نظرًا لأن العلم أصبح أسهل ما يكون الحصول عليه بل وبسرعة الضوء! فهواتفنا المحمولة وشبكات الاتصالات جمعت بين أيدينا كل علوم الدنيا وفي كل اللغات، ويمكنك في طريق العمل أن تسمع أو تقرأ درسًا علميًا عن الكون أو الدين أو الفلسفة والتاريخ وأي علم شئت.
كما يمكنك وأنت تطلب العلم أن تسعى لطلب المال عن طريق التسويق الإلكتروني مثلاً، فالأمر أصبح واسعًا ويحتمل الكثير من الخيارات التي تُسهل على الإنسان أن يستغل وقته لإنجاز أكثر من عمل في وقت واحد، كما أن طلب العلم لا يقتصر فقط على الدراسة الجامعية، فقراءة كتاب أو حضور مجلس علم يندرج أيضًا تحت بند طلب العلم.
وهنا لا بد أن أؤكد على أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والمال قوة والعلم قوة، ومال بلا علم مُلكٌ سيفنى بجهل، وعلمٌ بلا مال حكمة وضعف، فاحرص أن تكون غنيًّا عالمًا، تسعد في حياتك وتُسعد من حولك.