إن الأزواج الذين يمرون بتجربة الإجهاض أو
فقدان الطفل، من المرجح لهم أن ينفصلوا بنسبة
22% أكثر من غيرهم. وتتعدد الأسباب طبعاً ولكن السبب الشائع والأكثر تكراراً هو طريقة الحزن المختلفة التي يسلكها كل من الزوجين.
فمن الطبيعي جداً أننا
نحزن بطرق مختلفة عن بعضنا، فمنا من يبكي وينوح ومنا من يلتزم الصمت (وأنا منهم). منا من يعيش مع الحزن أياماً وشهوراً ومنا من يكبته ويعود إلى مسار حياته العادية لكي يتأقلم أكثر ولا يقع في بئر الأحزان الذي لا خروج منه. اختلاف طرق الحزن والتعبير عنها يولد التوتر خصوصاً بين شخصين يعيشان سوياً في منزل واحد، مرتبطين عاطفياً وروحياً، فاقدين لطفلهم، الذي هو أعز ما يمكن فقدانه.
الأم. بسبب كونها التي تحمل وتلد، تعيش مشاعر الأمومة في وقت مبكر جداً، تتغير وتتقولب مشاعرها وهرموناتها أثناء فترة الحمل وبعده، وتقدم الكثير من التضحيات المتمثلة بنومها، طعامها، شرابها، تحركاتها، مما يخلق رابطاً عاطفياً قوياً جداً بينها وبين طفلها الذي لم يولد بعد، وفقدان هذا الطفل وهذا الرابط سيكون المصيبة الأكبر في حياة الأم. لا نريد أن نطلق الأحكام بالطبع ولكن رابط الأم مع طفلها أقوى من رابط الأب مع طفله، بسبب الترابط الجسدي، تجربة الولادة نفسها، انفصال جزء من الأم عن جسدها وتحوله إلى إنسان كامل، فما بالك حين يغيب هذا الإنسان إلى الأبد، سيساوي هذا الغياب فعل الاختناق في بركة مليئة بالهواء.
عملية فقدان الطفل نفسها في حالة الإجهاض تكون مؤلمة إلى أقصى الحدود بالنسبة للأم، نزيف يستمر لأسابيع، أوجاع في كامل البدن، مع أوجاع نفسية واكتئاب. وجود الزوج الجيد العطوف الذي يراعي زوجته ويهتم بها في هذه المرحلة، مهم ولكنه قد لا يكون كافياً، فلا أحد على وجه البسيطة يستطيع أن يفهم مشاعر الأم التي تفقد طفلها بالإجهاض أو عسر الولادة، مشاعرها الجسدية النفسية العاطفية. بالإضافة إلى أن هذه المرحلة حتى لو انتهت بشكل فعلي، فإنها على الصعيد العاطفي لن تنتهي، فهي تهز كيان الأم بكامله. ومسارعة الزوج بإصلاح كل شيء قد يعود بالضرر أكثر من النفع مما يؤدي إلى الصراعات الزوجية. لأنه ببساطة، الرجل غير مجبول على فهم مشاعر الأمومة والحمل والولادة وفقدان الطفل من ناحية الأم، لهذا من الممكن بكل سهولة أن يزيد الطين بلة.
يمر جميع الأزواج بمراحل الحزن بشكل غير مرتب: الغضب، الإنكار، الاكتئاب، التقبل، المراهنة. الذنب. وفي رأيي الشخصي
إن الشعور بالذنب هو من أكبر مسببات الإنفصال. تشعر الأم بأنها المذنبة في موت طفلها، وقد يشعر الأب بالمثل، والمصيبة الأكبر تقع حين يبدأ الزوجين بلوم بعضهما البعض، لأنهم ببساطة لا يرون السبب الحقيقي لموت الطفل، ويشعرون أنهم مقصرين بحقه، وأنه كان الممكن أن يفعلوا شيئاً لتجنب خسارته، بالرغم من جميع هذه الأفكار اللا منطقية إلا أنها الأفكار الأكثر شيوعاً والتي يلجأ لها الأزواج كمرحلة أخيرة قبل الانفصال. وتشيع هذه المشاعر حين تكون وفاة الطفل غير معروفة بسبب ومفاجئة.
أشعر بالإلزام بأن أرشح فلم Pieces of a woman، وهو ما دفعني لاقتراح هذا السؤال وإجابته، يعبر الفلم بشكل تفصيلي عن الولادة، موت الطفل، ومرحلة ما بعد موته، وتعامل الزوجين مع المُصاب ومع بعضهم. فلم قوي ويحضك على التفكير ملياً في الأمر.