كلنا نمر في لحظات نشعر فيها بأننا نكره جميع من حولنا ولا نطيق أن نتكلم أو أن نجامل أحد ونتحول لأشخاص سلبيين لفترة من الزمن، وقد يصل بنا الحال لأن نكره أنفسنا أيضاً... فهذا أمر طبيعي، لكن غير الطبيعي هو أن تستمر في هذه الكراهية وأن تشمل فيها الجميع.
لكن لا تقلق عزيزي السائل... فأنت لست كذلك! لأن الذي يكره الناس فعلاً تجده غالباً لا يتضايق من هذا الشعور ولا يسعى لحل مشكلته لأنه في معظم الأحيان يعتبر هذه الكراهية حلاً لمشكلاته وليست مشكلة بحذ ذاتها! كما أنني أعتقد من سؤالك أنك مرهق اجتماعياً أو تعاني من الضغط أو الاكتئاب منذ فترة وجيزة أو أنك سئمت الروتين وتحتاج للتغيير... لا تقلق سنساعدك في "أجيب" لتخرج من هذه الحالة :)
اتركني أبحر معك قليلاً إلى داخلك لنكتشف معاً سبب هذه الحالة التي تمر بها الآن...
فهل تكره الناس وخصوصاً من حولك لأنهم أخطؤوا في حقك بشيء ما، فتنمروا عليك مثلاً أم أنك تعلم في قرارة نفسك أنهم جيدون ولكنك تكرههم دون أن يخطئ أحدهم بحقك؟
إن كانت إجابتك أنك تكرههم لأنهم قد أخطؤوا بحقك، فراجع نفسك جيداً لتبحث عن السبب؛ فغالباً سيكون الخطأ فيك أنت، لأنه من المستحيل أن يخطئ جميع من حولك بحقك وتكون أنت على صواب، وإن كنت ترى غير ذلك وأنهم قد أساؤوا فهمك مثلاً فحاول أن تصلح الأمر بأن تشرح لهم موقفك.
أما إذا كنت ترى أن الأمر نابع منك أنت، وأنهم جيدون إلى حدٍ ما ولكنك لا تطيقهم فابحث عن السبب في داخلك...
- قد يكون السبب هو إرهاقك اجتماعياً... أي أنك قد تعبت من المجاملات وتحتاج لتأخذ وقتاً مستقطعاً لفترة من الزمن، لتعود بعدها لحياتك الطبيعية وعلاقاتك الاجتماعية.
- أو قد تكون تعاني من ضغط العمل أو من مشاكل في العمل.. . فللأسف تؤثر مشاكل العمل على حياتنا الشخصية بشكل كبير، وتجعلنا أحياناً نصل لمرحلة أننا لا نطيق أحد، ونشعر أن الناس يضيعون وقتنا بدل أن نستغله في العمل والإنجاز أو حتى في الراحة بعد يوم عمل طويل ومرهق.
- مواقف سلبية متكررة... فعندما تمر بتجارب سلبية مع الناس فيخذلوك مثلاً أو يؤذوك ستأخذ مواقف هجومية نحوهم كردة فعل طبيعية من عقلك لتجنب إيذائهم لك، فتشعر أنك تكره الجميع حتى لا تتعامل معهم فيؤذوك، ويزيد هذا الشعور حدة إذا واجهت مواقف سيئة مع الأشخاص المقربين منك كخيانة الشريك مثلاً أو استغلال اخوانك لك وأكلهم ميراثك، فتصبح خائف من الاقتراب من أحد فيؤذيك فتكره المقربين بل وجميع الناس أحياناً.
- الاكتئاب الناتج عن مشكلات الحياة وقساوة الظروف المادية وغيرها التي تجعل عقلك يركز في مشكلتك فقط، ويعتبر جميع الأمور الأخرى هي مشتتات يجب الابتعاد عنها لإيجاد حل لمشكلاتك، فتكره الناس اعتقاداً منك أنهم يضيعون وقتك ويستنزفون طاقتك التي قد تستغلها لحل أمورك.
- عدم وضع الحدود للناس... فعندما تترك المجال للناس للخوض معك في كل الموضوعات والتحدث بكل الأمور- حتى الأمور التي لا تحب التحدث بها- فهذا يجعلك تتحمل في كل مرة أموراً لا تحبها إلى أن "يطفح الكيل" وتكون ردة فعلك قاسية جداً قد تصل لكره الجميع؛ فمثلاً قد يسألك الناس كثيراً عن سبب تركك لشريكك، وهو موضوع خاص لا تحب الخوض فيه معهم فتضطر أن تستحمل في كل مرة إلى أن تكره الناس وأحاديثهم والجلوس معهم لأنك تتوقع منهم تخطي حدودهم معك... ببساطة ضع حدوداً واطلب منهم بأسلوب لطيف عدم الخوض في هذه المواضيع.
- التشبث برأيك وعدم تقبل الاختلاف... فأحياناً نكره مع حولنا فقط لأنهم يختلفون عنا، ونجادلهم لنجبرهم على تقبل وجهات نظرنا، وإن لم يستسلموا لنا نكرههم، فكثر من الناس يكره مشجعي الفريق الرياضي المنافس لفريقه فقط لأنهم يشجعون هذا الفريق!
- الحسد والغيرة... لتكون صريحاً مع نفسك، فهل تكره الناس لأنك تشعر بأن الحياة غير عادلة وأنها جعلتك فقيراً وتعيساً بينما أعطت غيرك السعادة والمال؟!
- قد تكره الآخرين لأنك وجدت فيهم أمور تكرهها أنت في نفسك فتبدأ بصب سخطك عليهم بدلاً من أن تبدأ بتغيير هذه الأمور فيك أنت أولاً... فقد حضرت فيلماً أجنبياً مرة - لا أتذكر اسمه للأسف- يتحدث عن قاتلٍ يبحث عن الأشخاص الخائنين لشركائهم ويقتلهم ولكنه هو في الواقع خائن لشريكته وهو يكره هذه الصفة فيه هو، ولكنه يسقط كرهه لهذه الصفة الموجودة فيه على الأشخاص الذين يشتركون معه فيها... فأصلح نفسك أولاً قبل أن تصلح الناس.
- قد تحتاج للتغيير ببساطة... فغير في مظهرك وفي أسلوب حياتك، وقد تحتاج أيضاً أن تغير وظيفتك لتشعر بالراحة والتغيير الإيجابي في حياتك وتتخلص من التوتر والملل.
- قد تكون رغبتك في الوصول للعالم المثالي الذي تتابعه في المسلسلات وتشاهده على وسائل التواصل الاجتماعي هي السبب... اعلم عزيزي أنك لا تعيش في عالم مثالي وأن ما تشاهده في التلفاز ما هو إلا تمثيل، وما ينشره الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد لا يكون حقيقياً بالضرورة، كما أنه منتقى؛ أي أن الشخص الذي تجده ينشر صوره وهو سعيد ومحاط بالأهل والأصحاب لا يعيش هكذا 24 ساعة، ولكنه ينتقي اللحظات الجميلة فقط ليشاركها على حسابه في الانستغرام مثلاً.
أتفهم موقفك جيداً صديقي... فقد مررت مرة بتجربة مماثلة فأحسست بأنني قد كرهت كل الأطفال عندما عملت معلمة روضة واضطررت للتعامل مع عدد كبير من الأطفال بينما كنت ما أزال في الجامعة ولا خبرة لدي معهم، فشعرت بضغط عصبي كبير وشعرت كأنني أكره كل الأطفال ولم أعد أستلطفهم مهما كانوا بريئين، ولكنني عندما غيرت وظيفتي أدركت أن ما كنت أشعر به وقتها كان ناتج عن الضغط النفسي الذي كنت أعاني منه بسبب إجباري على التعامل مع هذا العدد الهائل وتحمل مسؤوليتهم دون امتلاكي أدنى خبرة في هذا المجال... وها أنا اليوم وقد تخلصت من كرهي لهم، بل أنني استغربت من نفسي كيف كرهت هذه المخلوقات اللطيفة!
أتمنى أن تستطيع الخروج من هذه الحالة في أسرع وقت ممكن لأن الكراهية مدمرة، والتسامح يمنحك عمر جديد خالٍ من البغض والكراهية لتنعم بصحة جسدية وعقلية ونفسية جيدة.
المرجع:
“Why Do I Hate Everyone?” 9 Reasons You May Feel This Way and How to Overcome These Feelings