"اللاعيوب" مفهوم أطلقه الخبير والمستشار في مجال الجودة الشاملة "Philip B. Crosby"، ويقصد به "خلو المنتج أو أي كان من أي عيب"، كما عرّف الجودة بأنها "مطابقة لمواصفات ومعايير معينة"، من هنا نأتي للحديث عن الجامعات التي تعد مصنعا للعلماء، وتعمل على نشر العلوم والمعارف وتزويد الطلبة بها، ورفد المجتمع بالكفاءات والخبرات من الخريجين في جميع المجالات الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والإدارية والفنية، فمن المهم العمل على زيادة كفاءة التعليم الجامعي وتعزيز جودة التعليم وإصلاحه، وذلك تمثيلا لهدف إستراتيجي لوزارة التعليم العالي من أجل الارتقاء بعملية التعليم، ويتم ذلك باعتماد أساليب تدريس حديثة، وأنماط تعليم جديدة وفعالة، وتطوير المناهج الدراسية، وتقديم تخصصات جديدة ونادرة توافق متطلبات العصر وتواكب التطورات التقنية واقتصاد المعرفة.
من المهم التركيز على نوعية التعليم وليس الكم، ومواجهة اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت والصعوبات اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت في عملية ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺟﻮدة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وتحديث الطرق المستخدمة لذلك باعتماد البحث العلمي وتوفير البرامج التدريبية لرفع كفاءة المتعلم والكادر التدريسي، وتطوير ﻃﺮق القياس والتقويم.
يجب أن تتناسب مخرجات التعليم مع متطلبات العمل في القطاعات الاقتصادية، ويتم ذلك بالاستفادة من الخبراء الدوليين في مجال التعليم.
كما أن هنالك عدد من المعيقات التي تقف عقبة أمام عملية تطوير جودة أداء المؤسسات التعليمية في عملية التعليم ورفع نوعيته، حيث إن هنالك رابطاً قوياً بين جودة التعليم ومكافحة البطالة، وتوضح لنا الدراسات والبحوث العلمية أن ضعف جودة التعليم في المؤسسات هو سبب رئيسي لازدياد معدل البطالة بين الطلبة الخريجين وضعف مهارتهم العملية، وعدم ملائمتها لمتطلبات سوق العمل، بالتالي يجب الارتقاء بجودة التعليم العالي، ومنح الجامعة الاستقلال الأكاديمي والفكري والمالي والإداري، وفي عملية تطوير البرامج الأكاديمية.
إن ﺟﻮدة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ تعد متطلب أساسي لنيل الاعتماد الأكاديمي والمنافسة ضمن اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﻌﺎلمي ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺎت، وهذا يساعد في تنمية الطلبة والكادر التدريسي والإدارة التعليمية من حيث اﻻﺑﺘﻜﺎر واﻻكتشاف واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ وﻃﺮق اﻟﺘﺪرﻳﺲ وتقنية المعلومات واﻻﺗﺼﺎﻻت والتفكير الإبداعي، وﺗﻄﻮﻳﺮ الخدمة المجتمعية للجامعة، بالتالي دعم مسؤوليتها اتجاه المجتمع المحلي لخدمته.
يوجد مجموعة من المقترحات التي تسهم في الارتقاء بجودة، وكفاءة التعليم العالي في الجامعات، أذكر منها:
- إنشاء المختبرات اللازمة للتدريس والبحث العلمي، وتزويدها بكافة المعدات والتجهيزات الحديثة.
- استقطاب كادر تعلميم مميز، وتقديم رواتب وحوافز كافية لهم، مما تشجعهم على العمل في الجامعة والاستقرار في المنطقة.
- الحرية في اختيار نخبة من الطلبة المتقدمين للالتحاق بالجامعة، ووفقا لاختبار يحدد ويعقد من أجل اختيار الطلبة المتميزين، بالتالي تبنى سياسات القبول وفق لجدارة وكفاءة المتعلم.
- التنسيق مع قطاعات العمل المختلفة باستمرار عند وضع البرامج الأكاديمية والخطط الدراسية لها، ومحاولة تطويرها في المستقبل.
- توفير مخصصات مالية ودعم للأبحاث العلمية.
- إعادة النظر في التشريعات الجامعية المتعلقة برواتب أعضاء الكادر التدريس والرسوم الدراسية، بحيث تتضمن النصوص تحقيق التميز في الجامعة.
- استحداث مجموعة من برامج الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات العلمية والأكاديمية.
- تطبيق التعلم الإلكتروني وتوفير بنية تحتية تتضمن أحدث الوسائل التعليمية.
- غرس الوعي الديمقراطي والولاء والانتماء للوطن بعيداً عن أي نوع من أنواع التعصب.
لماذا لا نستفيد من تجارب الدول المتقدمة؟
لقد تربعت دولة فنلندا على عرش التعليم من حيث النوعية والجودة حيث تتواجد بها أفضل الجامعات المميزة بالبحث والتطبيق أكثر من أنها جامعة، لذلك يجب التركيز على إيجاد جامعات تطبيقية وبحثية حتى تكن فعالة في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية داخل البلدان، والتركيز على مهارات التفكير العليا مثل التحليل والتطبيق وحل المشكلات والإبداع والابتكار، مع ضرورة الابتعاد عن التلقين والتعليم باتجاه واحد، ومن المفترض أن يقوم الأستاذ الجامعي بعدد من المهام، وهي: التعليم والبحث العلمي وحل المشكلات عبر التطبيق والخدمة المجتمعية.