الجن له صوت قطعا ويتكلم ويسمع ، ولكن وصفه بأنه "معروف " بحيث إذا سمعنا صوتا معينا مميزا قيل هذا صوت جني مباشرة غير ممكن وغير معلوم ، فهناك صوت ولكن ليس له خاصية واحدة بحيث يعرف مباشرة ، وإنما يختلف من حال لأخرى .
فالجني قد يتكلم بصوت إنسي تصور بشكله ، فيظن الظان أنه يكلم إنسي وهو يكلم جنيا في الواقع ، كما حصل مع أبي هريرة رضي الله عنه في القصة المشهورة عندما جاءالشيطان ليسرق من أموال الزكاة التي كان أبو هريرة موكلا بحفظها ، فكان أبو هريرة يمسكه كل ليلة ويحدثه حتى علمه الشيطان آية الكرسي لتحفظه من الشياطين ، حتى اعلم النبي أبا هريرة أنه كان يكلم شيطانا وقال له ( صدق وهو كذوب ) والحديث متفق عليه .
وقد يتكلم الجني على لسان إنسي بصوت الإنسي ، ويعرف ذلك بأن ينطق بكلام لا يمكن ان يكون من كلامه لكونه لا يتقنه أو نحو ذلك .
وقد يتكلم بلسان الإنسي بصوته هو فيكون غريبا ومخالفا لصوت الإنسي
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى :.
... وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: (قلت لأبي إن أقواماً يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه)، وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضرب به جمل لأثر به أثراً عظيماً، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات وينقل من مكانٍ إلى مكان، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علماً ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان، وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع، ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك). أ هـ.
وهنا أنبهك إلى ما ورد في قوله تعالى (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) (الإسراء ، 64)
فصوت الجني المقصود في هذه الآية ليس المقصود به صوته الحقيقي وإنما للمفسرين فيه قولان :
- قيل هو الغناء والمعازف ( الموسيقى ) .
- وقيل هو كل داع إلى معصية الله
وجمع ابن جرير الطبري رحمه الله بين القولين فقال : ( فكل صوت كان دعاء إليه- يعني إلى الشيطان- وإلى عمله وطاعته، وخلافا للدعاء إلى طاعة الله، فهو داخل في معنى صوته)
والله أعلم