هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب سماع الشعر

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٠٦ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
كان رسول الله يحب سماع الشعر الذي فيه موعظة أو حكمة أو مناسبة تجعله حسنا أو كان موضوعه ممدوح شرعيا كالشعر في مدح الله ورسوله والثناء عليهما والثناء على الصحابة والدعوة إلى الجهاد في سبيل الله والتشجيع على ذلك وهجاء الكفار والجواب على أشعارهم .

ولكن لم يكن رسول الله يكثر من ذلك أو يجعل دأبه سماع الشعر وتكراره ولم يكن يحفظه أو يقوله ، بل كان يمدح الشعر الجيد كما قلنا في محله ومناسبته ويحث عليه في موضعه المناسب ، ولكن كان دأبه القران وقراءته والدعوة إلى حفظه والحث على جعل اللسان رطبا بذكر الله تعالى ، لا الإكثار من الشعر على حساب ذكر الله تعالى .

قال الإمام مسلم في صحيحه  باب سماع النبي صلى الله عليه وسلم للشعر واستحسانه:

ثم أورد حديث : عَمْرو بْن الشَّرِيد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَدِفْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ مَعَك مِنْ شَعْر أُمِّيَّة بْن أَبِي الصَّلْت شَيْئًا؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ: هِيهِ فَأَنْشَدْته بَيْتًا، فَقَالَ: هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْته بَيْتًا فَقَالَ: هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْته مِائَة بَيْت قَالَ: إِنْ كَادَ لِيُسْلِم» وَفِي رِوَايَة: «فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِم فِي شِعْره»

قال النووي في شرحه : فَفيه جَوَاز إِنْشَاد الشِّعْر الَّذِي لَا فُحْش فيه، وَسَمَاعه، سَوَاء شِعْر الْجَاهِلِيَّة وَغَيْرهمْ، وَأَنَّ الْمَذْمُوم مِنْ الشِّعْر الَّذِي لَا فُحْش فيه إِنَّمَا هُوَ الْإِكْثَار مِنْهُ، وَكَوْنه غَالِبًا عَلَى الْإِنْسَان. فَأَمَّا يَسِيره فَلَا بَأْس بِإِنْشَادِهِ وَسَمَاعه وَحِفْظه.

 ثم روى الامام مسلم حديث ( لأن يَمْتَلِئ جَوْف أَحَدكُمْ قَيْحًا يَرِيه خَيْر مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا) ، وَفِي رِوَايَة: «بَيْنَا نَحْنُ نَسِير مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِر يَنْشُد فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا الشَّيْطَان، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَان، لَأَنْ يَمْتَلِئ جَوْف رَجُل قَيْحًا خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا).

قال النووي في شرحه " وَاسْتَدَلَّ بَعْض الْعُلَمَاء بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى كَرَاهَة الشِّعْر مُطْلَقًا قَلِيله وَكَثِيره، وَإِنْ كَانَ لَا فُحْش فيه، وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا الشَّيْطَان».
 وَقَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة: هُوَ مُبَاح مَا لَمْ يَكُنْ فيه فُحْش وَنَحْوه. قَالُوا: وَهُوَ كَلَام، حَسَنه حَسَن، وَقَبِيحه قَبِيح. وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب؛ فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّعْر، وَاسْتَنْشَدَهُ، وَأَمَرَ بِهِ حَسَّان فِي هِجَاء الْمُشْرِكِينَ، وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابه بِحَضْرَتِهِ فِي الْأَسْفَار وَغَيْرهَا، وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاء وَأَئِمَّة الصَّحَابَة وَفُضَلَاء السَّلَف، وَلَمْ يُنْكِرهُ أَحَد مِنْهُمْ عَلَى إِطْلَاقه، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُوم مِنْهُ، وَهُوَ الْفُحْش وَنَحْوه.

وَأَمَّا تَسْمِيَة هَذَا الرَّجُل الَّذِي سَمِعَهُ يَنْشُد شَيْطَانًا فَلَعَلَّهُ كَانَ كَافِرًا، أَوْ كَانَ الشِّعْر هُوَ الْغَالِب عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ شِعْره هَذَا مِنْ الْمَذْمُوم، وَبِالْجُمْلَةِ فَتَسْمِيَته شَيْطَانًا إِنَّمَا هُوَ فِي قَضِيَّة عَيْن تَتَطَرَّق إِلَيْهَا الِاحْتِمَالَات الْمَذْكُورَة وَغَيْرهَا، وَلَا عُمُوم لَهَا، فَلَا يُحْتَجّ بِهَا ).

والله أعلم