1- لم يخلق الله تعالى آدم عليه السلام طفلاً ثم كبر ، ولكن كان خلقه رجلاً ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق آدم على صورته ) متفق عليه .
- ومعنى على صورته : يعني على هيئته فله وجه وسمع وبصر يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه والسمع كالسمع والبصر كالبصر . فنحن نؤمن بصفات الله تعالى واسمائه وكيفية سمعه وبصره وجلوسه على العرش كما جاءت في الكتاب والسنة من تشبيه أو تمثيل أو تكييف أو تعطيل .
2- لأن آدم عليه السلام خُلق مِن غير تناسُل، ولم يكُنْ قطُّ في صُلب ولا رحِم، ولا خُلِق عَلَقَة ولا مُضغة، ولا طفلاً، ولا مُراهقًا، بل خُلِق ابتداءً بشَرًا سويًّا، طوله سِتون ذراعًا ولم يمرَّ بما تمرُّ به ذريتُه من أطوارِ الخَلْق قط.
3-وقال الإمَامُ المناويُّ في فيض القدير مفسِّرًا للحديث على نفس الوتيرة، قال ما مختصره:
((خَلَق اللهُ آدَمَ على صورتِه))؛ أي: على صورة آدَم التي كان عليها مِن مبدأ فِطرته إلى موتِه لم تتفاوتْ قامتُه ولم تتغيَّر هيئتُه، بخلافِ بَنيه، فإِنَّ كلاًّ منهم يكون نُطفةً ثم عَلَقة، ثم مُضغةً ثم عِظامًا وأعصابًا عارية، ثم مَكسُوَّة لحمًا، ثم حيوانًا مُجَنَّنًا لا يأكُل ولا يَشرَب، ثم يكون مولودًا رضيعًا، ثم طِفلاً مترعرعًا، ثم مراهقًا ثم شابًّا، ثم كهلاً ثم شيخًا.
أو خَلَقه على صورةِ حالٍ يختصُّ به، لا يُشاركه أنواعٌ أخرى مِن المخلوقات .
4- وخلقه على هذه الصفة رجلاً وليس طفلاً تكريماً وتشريفاً له .
5- ولأن الطفل بحاجة إلى رعاية من أبوين وخاصة الأم ، فكيف ستكون هذه الرعاية والإرضاع والتربية والإهتمام لو كان طفلاً ؟؟!!! من غير وجود أم أو أب ، فناسب خلقه أن يكون رجلاً مباشرة علة صورته التي خلق عليها .
- وخلق الله تعالى أبونا آدم عليه السلام من التراب والطين لحكم كثيرة منها :
1- لبيان قدرة الله وعظمته في خلق البشر من التراب .
2- لأن البشر ناسب أن يكون خلقهم من التراب ، ولأن الإنسان سيكون خليفةً في الأرض ومعمراً لها، فناسب أن يكون فيه سهولة وليونة وصعوبة وشدة وطيب وخبث : ناسب أن يكون خلقه من مادة تحوي ذلك كله ، فالنار شيء واحد ، والنور شيء واحد ، لكن التراب يختلف من مكان لآخر وهذا هو حال الإنسان، وهو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ ، جَاءَ مِنْهُمْ الأَحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ) رواه الترمذي (2955) وأبو داود (4693) وصححه الترمذي والألباني في "صحيح الترمذي" .
3- ولتكريم آدم عليه الصلاة والسلام أراد الله تعالى أن يميزه عن باقي المخلوقات بأن يخلقه بيده الكريمة مباشرة ، وهذا لا يكون إذا كان خلقه من العدم ، فالملائكة والجن مخلوقون من العدم ، ولا يقال فيهم إنه خلقهم بيده .
- قال الله تعالى : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) ص/75 .
- وعندما يأتي الناس إلى أبيهم آدم عليه السلام للشفاعة للفصل بين الناس يقولون : (يَا آدَمُ ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ ، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا ...) رواه البخاري (3162) ومسلم (194) .
-لقد كان حلق آدم عليه الصلاة والسلام على عدة مراحل وهي بالترتيب كما يلي :
1- التراب .
2- الماء .
3- الطين .
4- حمأ مسنون (أسود متغير )
5- الصلصال ( الطين اليابس )
6- نفخ الروح .
7- صار مخلوقاً بشراً ، وهو آدم عليه السلام .
- والقرآن الكريم بيّن هذه المراحل :
- قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ) آل عمران/59 .
- وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ) الحج/5 ،
- وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) غافر/67 ،
- وقال تعالى :(إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) الصافات/11 .
- وقال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) المؤمنون/ 12.
- وقال تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِنْ طِينٍ) السجدة/7 ،