هل تجوز زكاة المسلم على الفقراء من أهل الكتاب

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠١ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نعم تجوز الزكاة على الفقراء من أهل الكتاب شرط أن لا يكونوا من المحاربين للمسلمين,

-قال الله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) سورة التوبة: 60
 يقول الصحابي  عمر بن الخطاب عن هذه الآية الكريمة: الفقراء هم زمني أهل الكتاب، وقال عكرمة: الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين فقراء أهل الكتاب.

- قال الإمام أبو حنيفة: إن الله سبحانه وتعالى قال: إِن( تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ. ) سورة البقرة ايه  271
من غير فصل بين فقير وفقير، وعموم هذا النص يقتضي جواز صرف الزكاة إليهم، إلا أنه خص منه زكاة المال، لحديث معاذ المتقدم، ولأن صرف الصدقة إلى أهل الذمة من باب إيصال البر إليهم، وما نهينا عن ذلك،
فقد قال الله تعالى:( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. ) سورة الممتحنة اية 8.
وظاهر هذا النص جواز صرف الزكاة إليهم، لأنه بر بهم، إلا أن البر بطريق زكاة المال غير مراد، لحديث معاذ، فيبقى غيرها من طرق البر بهم جائزا.

-وقال الإمام بن قدامة رحمه الله في المغني: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر ولا لمملوك. قال ابن المنذر أجمع كلُّ من نحفظُ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئاً. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم. فخصهم بصرفها إلى فقرائهم، كما خصهم بوجوبها على أغنيائهم.

- يجوز التصدق على غير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم، وهذا بعد المسلمين، فتكون الأولوية للمسلم ومن ثم غير المسلم شريطة أن يكون غير محارب للمسلمين، إنما مستأمن لا يُؤذي ولا يُؤذَى، من المؤلفة قلوبهم، وهذا من تعاليم ديننا الإسلامي دين الرحمة واليسر (يرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) سورة البقرة، آية 185

- وهذا ما حصل زمن الخليفة الخامس عمر بن العزيز رضي الله عنه ورحمه الله عندما طُبقت الزكاة في الدولة الإسلامية لم يجدوا فقيراً واحداً يُعطى من مال الزكاة، حتى فاض المال وزوجوا الشباب وأعتقوا العبيد واشتروا السلاح، حتى إنهم نثروا القمح على رؤوس الجبال حتى يشبع الطير!!!!

والحكمة من مشروعيتها
(أنها دليل على صدق إيمان المؤمن المزكي لأن المال محبب للنفس البشرية، وتعلم الإنسان البذل والعطاء والبعد عن الشح وتزكية النفس والمال، وتجعل المجتمع الإسلامي متكافل متراحم متساوي، كما أنها تطفئ حقد الفقراء على الأغنياء، وتمنع الفقر والجرائم المالية والأخلاقية، وتقضي على السرقة والرشوة والسلب والنهب، وأنها سبب نزول الرحمات والخيرات والغيث من السماء، وتبعد ميتة السوء عن المزكي، وأنها تكفر الذنوب والمعاصي، وأنها سبب في دخول الجنة، وغيرها الكثير من الحكم).
 
- أما عن أهمية الزكاة في حياتنا.
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمس، وقد قُرنت بالصلاة في تسعة وعشرين موضعاً في القرآن الكريم، ووردت وحدها سبع وعشرون مرة. وهذا يدل على أهميتها.

- تخفف الزكاة من معدل الجرائم؛ فالفقر يؤدي إلى الجريمة في بعض الأحيان، كأن يضطر الفقير للسرقة والقتل ليلبي حاجاته، وبهذا تأتي الزكاة لتمنع الجريمة بصورة غير مباشرة وتحد منها.

وأجزم لو تم تطبيق الزكاة على مستوى العالم العربي والإسلامي سينتهي الفقر في كل العالم خلال بضع سنوات!!! ولن نجد فقيرا في الأرض!!! لأن الإسلام جاء رحمة للعالمين، حتى الكافر الفقير يعطى من مال الزكاة، وهذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى قبطياً يسأل الناس ضرب له من بيت مال المسلمين راتباً.