هل تؤيد مقولة: فاقد الشيء يعطيه؟

1 إجابات
profile/هاشم-التويجر
هاشم التويجر
chemist، safety Specialist
.
١٢ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
نعم، فاقد الشيء يعطيه و إن لم يجد ما يعطيه، فإنه يعطي ما لم يستطع على عطاءه من يملك هذا الشيء،

فلو استطلعنا من أكثر الناس عطاءاً لوجدنا أنهم أكثر الناس فقداناً لكل متطلبات الحياة و لكنهم يعرفون الشعور ذاته و يقدرون على منح عطاءٍ يسد الرمق إن لم يستطع رد الحاجة لذلك الشيء

ماذا يعني العطاء؟

قد نتخيل أنّ العطاء هو دفع المال لمن يفقده،
لكن العطاء يا صديقي أعظم من ذلك بكثير
و إذا رأينا عطاء الأم
لأبنائها اتضحت الصورة و لرأينا أن الأم (تعطي و تمنح و تهب) حياتها و مالها و صحتها و نومها من أجل بسمة ترتسم على شفاه أولادها،
الأمر لا يحتاج الكثير من الفلسفة فحتى الطب و العلم يعي ذلك الأمر تماماً،

قد يكون مخزون عناصر معدنية في جسد المرأة الحامل في نقصان مستمر بسبب الحمل و بسبب استهلاك هذا الجنين للمخزون كله،
لكن نجد أن الأم تعطي من تلقاء جسدها كل ما يحتاجه الجنين حتى و لو كانت تفتقده و أكثر من ذلك نجده يؤثر على صحتها و حياتها أحياناً.

من هذا المثال المثالي عن الأم وحدها سنلغي مقولة أن فاقد الشيء لا يعطيه،
نعم تعطي الأم و لو كانت فاقدة لشتى سبل العطاء
تعطي كل ما تملك لجنينها و لطفلها و لشابها الذي أصبح قادراً على أن يرد بِضعاً من الجميل.

العطاء حاجة مُلّحة لاستمرارية حضارة الإنسان و من يعتقد أن بالعطاء خسارة فإنه لا يعي أهمية ذلك العطاء لنمو الحضارة،

بالمناسبة لا يوجد عطاء بلا مقابل،
لا أقصد هنا المقابل المادي فحسب بل إن المقابل في العطاء ليس من الضروري أن يكون من نفس جنس العمل،
فقد ترى أن الغني يتصدق على فقير بمبلغ قليل و نجد أن كلاهما أصبح سعيداً فهذا زكى ماله و هذا وجد ما يقتات عليه،

و إذا تتبعنا منابع و جريان الصدقة لوجدناها تخرج من الغني إلى الفقير و إلى الأفقر و هكذا في سلسلة عطاء سخية غير منتهية.
هذا كله لو طُبق مع غني بخيل لوجدنا أنه يحتفظ بماله و يزداد مالاً و بُخلاً و بلا سعادة حتماً.

فاقد الشيء أعطانا أضعافاً كثيرة منه
بالنسبة لي لو تم سؤالي من هو أكثر الناس عطاءاً،
ليست الأم رغما عطائها البالغ الأهمية و ليس حاتم طي أكرم العرب ،
 إنه محمد عليه الصلاة والسلام.
لو استطلعنا حياة محمد الحقيقية منذ بدايتها بدون معرفة أنه النبي و هو ما كان عليه فعلاً فلم يعلم أحد أن هذا المولود الذي سمي محمد يتيم الأب و الأم معاً أنه سيكون أكثر الناس عطاءاً!

و طيلة حياة ما قبل النبوة لم يرى أحد المستقبل لمحمد إلا خديجة بنت خويلد فتزوجته يتيماً فقيراً عاملاً بالرعي و التجارة معها، فربما رأت فيه نبياً أو على الأقل رجلاً معطاءاً .

مشاهد حزينة توالت على محمدٍ و لم تزده إلا عطاءاً،
أتته النبوة و زادت من صراعه مع هذه الحياة فضُرب و شُتم و أُسيل دمه جراحاً عميقة خلفت حزناً بعد حزن،
و بعدها ماتت خديجة و عمه فعاش عاماً من الحزن حتى ذهب إلى قرية أخرى مجاورة فذهب إلى الطائف فنال نصيباً آخر من الحزن حتى أنه أشفق عليه عاملٌ في بستان،
و جاء جبريل إليه ليطلب منه الإذن بأن يطبق عليهم الأخشبين أي إهلاكهم فما كان من محمد إلا أن ابتدأ مسيرة عطاء خلدها التاريخ فقال دعهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحد الله،
و هذا ما كان و بالرغم من أن محمد كان مفتقداً للسعادة بسببهم في تلك اللحظات و لكنهم أعطاهم الفرصة لينالوا حظهم من السعادة و الحضارة معاً و هذامما حققته الأيام. 

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 4 شخص بتأييد الإجابة