هانيبال ليكتر، الشخصية الخيالية لمسلسل Hannibal الأمريكي. هو طبيب نفسي ذكي وبارع. وهو أيضًا قاتل متسلسل محترف وآكل للحوم البشر.
يتحدث الطبيب ليكتر في أحد مشاهده عن قيمة الندم وأهميته في الحياة، إلى درجة أنه اعتبر الحياة بلا ندم كأنها لا شيء. من الأمور الملفتة حقًا أن هانيبال ليكتر لا يحمل في طيّاته أي ذرة ندم تجاه أفعاله البشعة جميعها. فلَم يتحدث يومًا عن شعوره بالندم تجاه قتله البشع للأشخاص الذين طبخ لحمهم سابقًا وقام بتناوله.
أما إن أردنا الحديث بعمومية عن الندم وارتباطه بالحياة، فأنا أتفق تمامًا مع ما قاله هانيبال - وإن كان هو لا يعنيه الندم شخصيًا. إلا أن الندم في الحقيقة يعطي طعمًا للحياة، ويعطيها قيمة. فتخيّل حياًة بلا ندم، كيف سَيعي الشخص خطأه، وكيف سيتنبّه لحجم ما يرتكب.
إن سبب خطورة أكبر المجرمين السيكوباثيين أنهم لا يعرفون شيئًا عن الندم، بل هم لا يفكرون حتى بضحيّتهم لحظة ابتعادهم عنها، وهذا ما يجعلهم يعيدون الكرّة تلو الكرّة، فلا مانع أخلاقي داخلهم. ولا يقتصر الندم بالطبع على أصحاب الجنايات وما إلى ذلك، بل أيضًا على أي خطأ آخر كبيرًا كان أو صغير.
من إيجابيات الشعور بالندم أنه يمكّن الفرد من تعلم درسٍ جديد، ومشاعر الألم القوية الناشئة عن الندم تحرص على أن تجعل صاحبها يتحاشى تكرار مسبب الألم ذاك مهما كانت الطريقة. فبهذا تكون الحياة سويّة وذات منفعة، وغير ذلك لا تكون إلا شقاء على الأشخاص في بيئة الشخص الذي لا يشعر بالندم.
من الأمور التي لا يجب أن نغفل عنها أيضًا هي حدود الندم. فمهما كان للندم أهمية، إلا أنه يكون نقمة عظيمة على صاحبه إن زاد عن حده. فالندم يسبب اجهادًا شديدًا للفكر والبدن، ويُحتمل أن يكون سببًا في الوصول لحالات الاكتئاب. وفي بعض الأحيان شدة تأنيب النفس قد تؤثر على السلوك لدرجة أن يستطيع صاحبه إقناع نفسه بإنهاء حياته.
إن التحكم بالندم بالطريقة الصحيحة ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية والعقلية، وإن تجاهله يؤدي لمضاعفات بعيدة المدى قد تودي بحياة الشخص ومن حوله إلى التهلكة. لذا فهو نقطة قوية، تتحكم بثقة الإنسان بنفسه، حين يشعر أنه تغلب على أخطاءه، وتعلّم دروسه. والأهم، هي معرفة الشخص أنه قادر دائمًا على تمييز الخطأ والصواب، وأن ارتكاب الأخطاء فعلٌ طبيعي طالما أنه لا يتكرر لحظة وَعينا به.