ما هو رأيك بمقولة "الحياة بلا ندم هي ليست حياة" التي قالها شخصية هانيبال التلفزيونية؟

2 إجابات
profile/ليلى-عمر
ليلى عمر
قرأت علم نفس الجريمة
.
٣٠ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
أوف من النّدم، النّدم من أقذر الشّعورات البشريّة، شعور مغموس بالألم وعصرات القلب، لكن تعلّمت شيئًا ما من كاتب رائع اسمه ياسين آل خليل يدعم ما قالته شخصيّة هانيبال(أنا من مهووسي شخصيّة هانيبال بالمناسبة). 
ما تعلّمته من هذا الكاتب سيفسّر لك عبارة هانيبال ويجعلك تؤيّدها بشكل تام. 
قبل كل شيء ليست هناك حياة بدون ندم، فهو أصل قابليّة الإنسان للتّغيير، وأكثر النّاس يميلون إلى القول بأنّ النّدم مصدره الحقيقيّ الأشياء التي لم يتمكّنوا من القيام بها لا الأشياء التي فعلوها؛ رح أقلّك ليش النّدم عادةً أصله ما لم نفعله لا الذي فعلناه، لأن من الأشياء المؤرّقة للنّفس البشريّة والتي تورّث فيها ندمًا حقيقيًّا على المدى البعيد كون الفرد لم تكن لديه الشّجاعة لعيش ما أرادهُ لنفسه. البعض الآخر(الذي يندم لأشياء فعلها) يتمنّى لو كان لديهم المنظور الحياتيّ الشّامل ومهارات المُقارنة ومهارة البدائل والخيارات وفحص الآراء وتحليلها، نعم لو تحقّقت أمانيهم هذه ربّما أتت بنتائج مغايرة ومتوافقة مع تطلّعاتهم الحاليّة، لكن بربّك! هل نحن نُخلق بكل هذه المهارات دون أن نكتسبها من المواقف والنّدم! هذا غير صحيح إطلاقًا، كلا الفريقين يندم (الفريق المُتقاعس الذي يندم عادةً لأشياء لم يفعلها والفريق المتسرّع الذي يندم على أشياء فعلها). 
في سؤال جوهري يُطرح كثيرًا في سياق الحديث عن النّدم؛ هل هُناك حياة بلا ندم أصلًا؟ هذا الطّرح كمن يبحث عن الماء في الصّحراء، لأنّ تنوّع المشاعر يجعلنا أقرب لإنسانيّتنا، ويجعلنا عقلانيّين حقًّا، والنّدم تحديدًا يساعدنا في الوصول إلى معرفة ذواتنا وعدم التنكّر للآخرين بأنّ حياتنا تحت السّيطرة وتمشي حسب الخطط المرسومة والمدروسة، فنحن لسنا آلهة ببساطة ولا نملك مصابيح سحريّة.
عدم اعتراف النّاس بوجود النّدم في حياتهم لا يُغيّر حقيقة الحال، وبدلًا من إنكاره ينبغي أن نتقبّل التناقض، لنحقّق مُثُل حياتيّة عُليا ونتصرّف بحكمة. 

وبناءً على ما فهمته من هذا الأستاذ فأنا أتفّق مع عبارة هانيبال قلبًا وقالبًا، لا يمكننا إنكار الصّفات التي تقرّبنا من نضوجنا وإنسانيّتنا، الحياة مع النّدم تخلق إنسانًا عطوفًا رقيقًا، مُتصالح مع ذاته ويفهمها.
كون النّدم شعور قوي وفتّاك فهذا يضمن لك عدم تكرار ما يؤذيك، لكن من السّذاجة أن تجعله يسيطر على حياتك بشكل كامل، النّدم هو أحد مراحل المُعالجة الذّاتية فقط وستتجاوزه فعلًا ولكن لا بدّ لك من تقبّله وعدم إنكاره.

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 2 شخص بتأييد الإجابة
profile/بتول-المصري
بتول المصري
بكالوريوس في آداب اللغة الانجليزية (٢٠١٨-٢٠٢٠)
.
٣١ ديسمبر ٢٠٢٠
قبل ٤ سنوات
     هانيبال ليكتر، الشخصية الخيالية لمسلسل Hannibal الأمريكي. هو طبيب نفسي ذكي وبارع. وهو أيضًا قاتل متسلسل محترف وآكل للحوم البشر. 

     يتحدث الطبيب ليكتر في أحد مشاهده عن قيمة الندم وأهميته في الحياة، إلى درجة أنه اعتبر الحياة بلا ندم كأنها لا شيء. من الأمور الملفتة حقًا أن هانيبال ليكتر لا يحمل في طيّاته أي ذرة ندم تجاه أفعاله البشعة جميعها. فلَم يتحدث يومًا عن شعوره بالندم تجاه قتله البشع للأشخاص الذين طبخ لحمهم سابقًا وقام بتناوله. 

     أما إن أردنا الحديث بعمومية عن الندم وارتباطه بالحياة، فأنا أتفق تمامًا مع ما قاله هانيبال - وإن كان هو لا يعنيه الندم شخصيًا. إلا أن الندم في الحقيقة يعطي طعمًا للحياة، ويعطيها قيمة. فتخيّل حياًة بلا ندم، كيف سَيعي الشخص خطأه، وكيف سيتنبّه لحجم ما يرتكب.

     إن سبب خطورة أكبر المجرمين السيكوباثيين أنهم لا يعرفون شيئًا عن الندم، بل هم لا يفكرون حتى بضحيّتهم لحظة ابتعادهم عنها، وهذا ما يجعلهم يعيدون الكرّة تلو الكرّة، فلا مانع أخلاقي داخلهم. ولا يقتصر الندم بالطبع على أصحاب الجنايات وما إلى ذلك، بل أيضًا على أي خطأ آخر كبيرًا كان أو صغير.

     من إيجابيات الشعور بالندم أنه يمكّن الفرد من تعلم درسٍ جديد، ومشاعر الألم القوية الناشئة عن الندم تحرص على أن تجعل صاحبها يتحاشى تكرار مسبب الألم ذاك مهما كانت الطريقة. فبهذا تكون الحياة سويّة وذات منفعة، وغير ذلك لا تكون إلا شقاء على الأشخاص في بيئة الشخص الذي لا يشعر بالندم.

     من الأمور التي لا يجب أن نغفل عنها أيضًا هي حدود الندم. فمهما كان للندم أهمية، إلا أنه يكون نقمة عظيمة على صاحبه إن زاد عن حده. فالندم يسبب اجهادًا شديدًا للفكر والبدن، ويُحتمل أن يكون سببًا في الوصول لحالات الاكتئاب.  وفي بعض الأحيان شدة تأنيب النفس قد تؤثر على السلوك لدرجة أن يستطيع صاحبه إقناع نفسه بإنهاء حياته.

     إن التحكم بالندم بالطريقة الصحيحة ينعكس إيجابًا على الصحة النفسية والعقلية، وإن تجاهله يؤدي لمضاعفات بعيدة المدى قد تودي بحياة الشخص ومن حوله إلى التهلكة. لذا فهو نقطة قوية، تتحكم بثقة الإنسان بنفسه، حين يشعر أنه تغلب على أخطاءه، وتعلّم دروسه. والأهم، هي معرفة الشخص أنه قادر دائمًا على تمييز الخطأ والصواب، وأن ارتكاب الأخطاء فعلٌ طبيعي طالما أنه لا يتكرر لحظة وَعينا به.