هذا القول جزء من ابيات لأبي تمام, يقول فيها:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ** ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى ** وحنــــينه أبدا لأول منزل
هذانِ البَيتانِ مِن أكثر ما قاله ابو تمام شهرة في الحُبِّ, ويتحدثان عن الحنين للحبيب الأول, وأن الحبيب الأول هو مرجع الفتى في الهوى, فمهما أحب من اشخاص بعده فلا يمكن له أن ينسى هذا الحب وهذه المشاعر الجميلة التي احسها, أما عن رأيي فأنا أتفق وأختلف مع هذا القول؛ فأتفق أن الحب الأول لا ينسى إن كانت المشاعر حينها حقيقية وليس مجرد تفريغ لكبت المشاعر المختزنة.
فيمكن أن يجرب الانسان الحب ولكنه يكتشف أنه كان مزيفاً أو أن مشاعره أصلاً لم تكن حقيقية تجاه هذا الانسان أو أنه قد أُعجب بصفات ظاهرية فيه لا أكثر, فلا يعد هذا الحب بالعدد هو الاول, أما ذلك الحب الذي يعطي فيه الفرد أنقى ما لديه من مشاعر ويحب الطرف الآخر بعيوبه قبل حسناته, ويحب فيه كل تفاصيله الصغيرة التي لا يمكن لشخص آخر أن يحبها فيه؛ حينئذٍ وفقط أعتبره حباً حقيقياً ويكون حباً لا ينسى , فكيف إن كان هذا الحب الحقيقي أول حب؟
وبعد, فإن هُناكَ مَن يُخالفُ أبي تمام وفكرة الحب الأول الذي لا ينسى، فَيَرى أنَّ الآخِرَ خَيرٌ مِن الأوّلِ, ومن أمثلة هذه الفكرة ما قاله كل من:
العلوي الاصبهاني:
دع حب أول من كلفت بحبه ** ما الحب إلا للحــــــبيب الآخر
ماقد تولى لا ارتجاع لطيـبه ** هل غائب اللذات مثل الحاضر
وقال ديك الجن:
اشرب على وجه الحبيب المقبل ** وعلى الفم المتبسم المتقبل
نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى ** كهوى جــــديد أو كوصل مقبل
وقال آخر :
قلبي رهين بالهوى المقتــــبل ** فالويل لي في الحب إن لم أعدل
أنا مبتلى ببليتين من الهـــوى ** شوق إلى الثاني وذكـــــــر الأول