بالتأكيد لا؛ أنا الآن بعمر الثاني والعشرين وقبل عشر سنوات كنت اثنا عشر. أنا نفس الاسم و المعلومات الشخصية والعائلة، أعيش في نفس البلد، لكن لست كما كنت من قبل. كنت طفلة، الآن ناضجة (أعتبر نفسي هكذا) ليس بعدد السنوات التي رأيتها فقط، بل بما رأيته خلال هذه السنوات فهي كافية لتغير الإنسان قلبا وقالبا. ولا أعني أن كل ما مررت كان تجربة صعبة بل كان خليط من الصعاب والتساهيل والحزن والفرح الفقد والعطاء، كلها ساهمت بتعليمي ماذا يعني الصبر وأن كل شيء يحدث وراءه حكمة ومعرفتها مسؤولتي لا محالة، وأن الحياة ميدان تجارب، منذ ولادتنا لحين نهاية أجلنا.
أنا لا أعني أن الإنسان عديم إرادة بهكذا موضوع، بل هو حر بالتعامل مع المعطيات التي تدخل ذهنه؛ فتغير الإنسان قد يكون يإرادته مثل التغير لأفضل نسخة منه باستمرار ويستطيع التغير لأسوأ لكن كل حسب وجهته وكيفية تشكيل قناعاته وأفكاره أو ربما ضميره. مثلا، عندما تلاحظ شخص يقوم بفعل شيء بمهارة أو يتحدث بأمور أثارت إجابك حول هذه الشخص، قد ترغب بأن يكون مثلك الأعلى، وبإختيارك الحر أيضا. فتقرر بعد ذلك تغيير نفسك وإعادة برمجة تصرفاتك وعاداتك بما تراه مناسبا للوصول للنتيجة التي ترغبها أنت.
تغيير البيئة للأشخاص
طالما حواس الإنسان تعمل وعقله ومداركه لا يكفان عن العمل، هو دائم التعلم. يعني هذه أن البيئة المحيطة ذات دور جوهري بتغيير أفكاره ومبادئه. البيانات والمعلومات لا حصر لها وتنتقل بمجرد رؤيتها وسماعها. يعني أن التغيير قد يكون حتى غير ملحوظ فأنت لا تعلم لماذا تنظر للأمور بشكل مختلف عن أي شخص آخر. فما بالك بتعرض لبيئات مختلفة لا تعد خلال العشر السنوات. الظروف تتغير و البيئات كذلك، فلما لا نتغير نحن أيضاً.
التغيير البيولوجي
كما تعلم صديقي أن الإنسان له جزأين يمكن أن يطرأ التغيير عليه. الجزء المادي، فليس جل التغيير فكري أو بيئي المصدر. مثلاً التقدم بالعمر يغير حاجاته الجسدية فالجسد من هذه الناحية دائم التغير. فحاجات الطفل الطبيعية وأفكاره وأهدافه تختلف مثلا عمن هم بعمر العشرين مثلا. يعني أن الشخص مهما حاول عدم التغير قد لا يستطيع بسبب هذه العوامل التي لا يستطيع السيطرة عليها وليس بالداعي اعتبار هذه العامل سلبي في حياة الإنسان.
العلاقات
خسرت العديد من العلاقات سواء صداقات أو وفاة أشخاص قريبين. لكن بنفس الوقت كنت أكتسبها من حين لاَخر. ومع أن الانسان يستمر بخسارة الأشخاص خلال رحلة حياته،إلا أنه يتعلم دروس كثيرة ويتأثر بشخصيات من عاشرهم وأفكارهم قد يضل تأثيرهم لأخر رحلته. وطالما أن الأمور قد تخرج عن السيطرة، تعلمت أن أنظر من زاوية الدروس، من هذه الزاوية لا يمكن أن تخسر، فهي موجودة دائماً لمن يبحث عنها ولا يمكن أن تنفذ أو تنتهي صلاحيتها.
التغير سنة الحياة، فما الحياة إلا تغير مستمر للأشياء واستمرار حركتها، أما الثبات الدائم فهو من شيم الأموات. قد يخاف الإنسان من التغير، لكن ما من مفر فهو لا يستطيع العيش وهو ثابت الحال. قد يدل الخوف من التغيير على قلق صاحبه وتفكيره المستمر بالماضي والمستقبل. إذا كنت دائم التفكير أنت تضيع حاضرك و هو الأهم دائما. إن لم هناك فائدة مرجوة من ذلك يجب التوقف عن تذكره كأن تقول بينك وبين نفسك:" كيف كنت هكذا؟" أو" لقد كنت طفلا سعيداً لكن الاَن، ما الذي حصل لي؟". كم قلتها بيني وبين نفسي وكم سمعتها!