أنا شخص صباحي بكل ما تحمل الكلمة من معنى ومضمون... فأرى أن الصبح حياة وأنه بدابة، ولا ينفع أن تفعل شيئاً متخطياً نقطة البداية التي منها تنطلق نحو ما تريد بإيقاعٍ بطيء يتسارع شيئاً فشيئاً ليصل إلى ذروته، ومن ثم يبدأ بالتباطؤ من جديد إلى أن يهدأ وينطفئ... هكذا يجب أن نكون، فعلينا أن نستجيب للطبيعة وللكون ونسير معاً على إيقاع متناغم، لأن أي لخبطة في هذا النظام الكوني سيؤثر علينا سلباً، فيسلب صحتنا وعافيتنا وطاقتنا ووقتنا.
فينصحنا الاختصاصيون حول العالم بالاستيقاظ في وقت الفجر عندما تكون طاقتنا في أعلى مستوياتها، وهو وقت مناسب للدراسة والعمل، لذلك تبدأ بعض متاجر اليابان والصين مؤسساتها يومهم الساعة السادسة صباحاً، وهم أهل العمل والإنجاز.
فعندما كنت طالبة توجيهي كانت جدتي تنصحني دائماً أن أستيقظ للدراسة في وقت الفجر بدلاً من السهر، وكانت تقول لي أن دراسة ساعة واحدة وقت الفجر تعادل دراسة 4 ساعات في وقت آخر من اليوم.
ولا ننسى فائدة التعرض لأشعة الشمس فور إشراقها وحتى الساعة 9 صباحاً تقريباً لنستفيد منها أقصى استفادة، كما أن رؤية شروق الشمس مفيد للعين والدماغ ولصحتنا النفسية كذلك، فلا تفوتها، ولا تنتظر أن تذهب في رحلة لمشاهدة الشروق، فشاهده من سطح أو شرفة منزلك مثلاً.
أحب الصباح لأنه يشعرني بالصفاء والحياة والتفاؤل والتجدد، حتى أنه يمكنك أن تشاهد هذا في وجوه الناس الذين تراهم في الصباح ذاهبين إلى أشغالهم أو مدارسهم مثلاً؛ فحتى أشكال الناس في الصباح أجمل؛ فملابسهم أكثر أناقة ووجوههم أكثر إشراقاً ونفسياتهم أكثر راحة. جرب أن تلاحظ هذا عندما تخرج في الصباح وأرسل لنا رأيك.
يتميز الأشخاص الصباحيون -وأنا منهم- بالتفاؤل والنشاط وتحمل المسؤولية، كيف لا وهم يتبعون الفطرة التي خلقها الله تعالى فينا! وهي أن ننام ونرتاح في الليل ونستيقظ في الصباح. فعندما ننام في الليل نتيح الفرصة لبعض أعضاء الجسم بالحصول على الراحة والاسترخاء كعضلة القلب التي ترتاح من التوتر والضغط، كما يعاد بناء الأنسجة وتفرز هرمونات معينة لها مهمة لأجسادنا، فضلا عن أن الجسم يتخلص خلال النوم من السموم، وينقل المعلومات التي تعلمها وجمعها خلال النهار إلى ذاكرته الدائمة.
كما أن النوم خلال الليل يجعل أجسادنا تفرز هرموناً يدعى هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن الحيوية والنشاط وتقوية المناعة، هذا الهرمون له علاقة بظلام الليل لذا فهو لا يفرز إلا عند النوم ليلاً مهما قمنا بالتعتيم نهاراً مما يضمن لنا الاستيقاظ نهاراً وكلنا نشاط وحيوية، أما لو نمنا أثناء النهار واستيقظنا في الليل فإننا لا ننتج هذا الهرمون فنستيقظ غير نشيطين مهما كان نومنا طويلاً ومريحاً.
أخي شخص مسائي يحب الهدوء والسكينة بطبعه، فقد اختار أن يستلم الشيفت المسائي في عمله كمندوب مطار لأحد الشركات السياحية المحلية، فهو يبدأ عمله حوالي الساعة 9 مساء وينهيه حوالي الساعة 8 صباحاً، أي أنه يبدأ بعمله عندما يخلد الكثيرون للنوم، بينما ينام عندما يستيقظون... هو يقول أنه راضٍ عن نفسه وعن أدائه وحتى عن صحته هكذا، ولكنني أرى أن مناعته ضعيفة وأنه دائم العصبية والتوتر دون سبب، كما أنه لا يستطيع أن يخلد للنوم بدون الحبوب المنومة... فكيف ينام في النهار وقد خلقه الله للعمل، وكيف يعمل في الليل وقد خلقه الله للراحة والنوم! فكأنه يصارع الطبيعة.