الملائكة الحفَظَة هم الملائكة المتكفِّلين بحفظ ابن آدم وكتابة أعماله بأمرٍ من الله، فكما ورد في سورة الأنعام قوله تعالى :{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} وجاء ذكرهم كذلك في سورة الرعد قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وقال المفسرون : من أمر الله أي بأمر الله. والمعقبات بمعنى أنَّهم يتعاقبون عليه بالليل والنهار.
أمّا عن وظيفتهم فهم موَكَّلين بالإنسان منذ بداية خلقته في بطن أمِّه إلى إنقضاء أجله، كما بيّنت الآيات والأحاديث الصحيحة ففي قوله صلى الله عليه وسلم: "وكَّلَ اللَّه بالرَّحم ملَكاً، فيقول : أي ربِّ نطفة؟ أي ربِّ علقة؟ أي ربِّ مضغة؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقَها قال: أي ربِّ ذكرٌ أم أنثى؟ أشقيٌّ أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمِّه."
فمن وظائفهم حراسة العبد من كل ما يمكن أن يؤذيه، فجاء عن مجاهد في جامع العلوم والحكم لابن رجب قوله: "ما من عبد إلا له ملَك مُوَكَّل بحفظهِ في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه إلا قال له المَلَك: وراءَك، إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه. "
ومن وظائفهم أيضًا كتابة أعمال الإنسان فيُحصون حسناته وسيِّئاته، فعن يمينه ملَك يكتب الحسنات وعن شماله ملَك يكتب السيئات، كما دلّ عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمّا عن عددهم فهم ثمانية يتعاقبون على العبد أربعة بالليل وأربعة بالنهار، كما ورد عن ابن كثير في تفسيره أنه قال:"أنهم أربعة بالليل وأربعة بالنهار، فاثنان عن اليمين والشمال يكتبان الحسنات والسيئات، واثنان من ورائه وأمامه
يحرسانه."
وهذا يحثُّنا على المراقبة الدائمة لأفعالنا وأقوالنا، فإذا أخطأنا نُسرع بالاستغفار لِتُمحى، وإذا هممنا بالسيئة نتذكر بأن كل أفعلنا مراقبة ومسجَّلة، ونبتعد عن كل ما يؤذيها منا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، ونتذكر قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق : 16]
المصدر