حديث (لا تَزالُ هذه الأُمَّةُ على شَريعةٍ ما لمْ يظَهرْ فيهم ثلاثٌ: ما لمْ يُقبَضْ منهمُ العِلمُ، ويَكثُرْ فيهم وَلَدُ الحِنْثِ، ويظَهرْ فيهمُ السَّقَّارونَ، قالوا: وما السَّقَّارونَ؟ قال: نَشْءٌ يكونونَ آخِرَ الزَّمانِ، تحيَّتُهم بيْنَهم إذا تلاقَوُا التَّلاعُنُ).
أجمع أهل العلم على أنه حديث منكر، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن قد يكون في معناه صحيحًا، بما ورد في النصوص الشرعية من آيات وأحاديث تحرّم أن يلعن المسلم أخاه المسلم.
قوله تعالى: (لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) سورة النساء 118، والمقصود في هذه الآية إبليس.
وقوله تعالى: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) سورة المائدة 60.
وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رواه ابن حبّان في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمنُ بالطَّعانِ ولا اللَّعانِ ولا البذيءِ ولا الفاحشِ" حديث صحيح.
والسقّارون في الحديث بمعنى الكذّابون، والمحتالون، والمبغضون الذين يكنزون البغض لإخوانهم، وذكر بأنهم اللعانون الذين يلعنون الناس الغير مستحقو اللعن، تحيّتهم إذا تلاقوا اللعن، وهي تحيّة أهل النار.
لذا فالواجب على كلّ مسلم، الابتعاد عن المعاصي والأمور التي نهى الله تعالى عنها عمومًا، ثم اجتناب اللعن خاصّة، والذي هو بمعناه الطرد من رحمة الله التي لا ينبغي لمسلم أن يطرد مسلما من رحمة الله تعالى، لعظم إثمه عند الله تعالى، ولما ثبت في صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللَّعّانِينَ لا يَكونُونَ شُهَداءَ، ولا شُفَعاءَ يَومَ القِيامَةِ). رواه مسلم
كما أجمع أهل العلم على تحريم لعن المسلم أخاه المسلم، لذا فلا يجوز للمسلم أن يلعن أخاه ولو كان ممازحًا له، والواجب عليه إلقاء تحيّة الإسلام التي حثّنا عليها نبينا الكريم -صلوات ربي وسلامه عليه-، كما أن كثرة اللعن والسباب واقتراف الأمور القبيحة، التي لا ينبغي للإنسان المسلم اقترافها هي من أسباب قسوة القلب وسواده، كما انعدام المروءة والحياء في شخصية المسلم، وانتقاص قدره في الدنيا، إلى جانب الإثم الذي سيحمله يوم القيامة، لذلك فحرّي بالمسلم الحفاظ على قدره ومروءته والرقي بنفسه وإبعادها عن كل ما ينتقص منها من سبّ ولعن وشتم وغيرها من الأمور القبيحة السيئة.