النبي الذي كان يتمتع بجمال الصوت هو: ( داود عليه الصلاة والسلام)
- ولذلك عندما سمع النبي صوت الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن بصوت جميل قال له: ( لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ ) أخرجه بخاري ومسلم.
- ولا يفهم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي داود عليه الصلاة والسلام كان يستعمل المزمار في صوته!!! ولكن لجمال صوته وحسنه شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بصوت المزمار.
- وآل الرجل هم عشيرته وقومه، وقد يطلق على الشخص آل فمثلاً نسمع ونشاهد كثير من الناس ينادى عليهم باسم عشيرتهم فنقول يا عمري يا تميمي، ويا قرشي ويا هاشمي.
- وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": " وَالْمُرَاد بِالْمِزْمَارِ الصَّوْت الْحَسَن، وَأَصْله الْآلَة أُطْلِقَ اِسْمه عَلَى الصَّوْت لِلْمُشَابَهَةِ "
-وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاذَفَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ ! مَرَّتَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا ، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا الْيَوْمُ ) أخرجه بخاري ومسلم.
- فنبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان ذا صوت مرتفع وحسن بنفس الوقت ، ومن معجزاته أنه كان إذا سبح الله تعالى ترد عليه الجبال والحجارة والشجر التسبيح وتسبح معه، وفي هذا يقول تعالى: ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) سورة ص
وقال تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) سورة سبأ (10)
- فمعنى قوله تعالى: (أوّبي معه) أي سبحي معه. فكانت الجبال والطير تسبح معه عندما يقرأ في كتاب الزبور لخشوعها ولجمال صوته عليه السلام.
- وكذلك من معجزات نبي الله داود عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى ألان له الحديد بدون نار - يعني يسوي الحديد بيده كالعجين - ونحن نعرف أن الحديد قوي جداً وتسويته وتشكيله يحتاج إلى جمر ونار قوية وطرق بالمطرقة وماء وقوة جسدية ووقت وجهد!!
-ويفهم من خلال الآية السابقة أن مهنة سيدنا داود عليه السلام كانت الحدادة وصناعة الدروع، فكان هو أول من صنع الدروع في الأرض، وكان يأكل من عمل يده كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ما أكل أحد طعامًا قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) أخرجه البخاري.
- وقد أرسل الله تعالى داود عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل ليحكم بينهم بالعدل وفق منهج الله تعالى - حيث كان عادلاً في حكمه بين المتخاصمين ومن قصص حكمه :
1- القصة الأولى : في قوله تعالى: ﴿ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ سورة الأنبياء: 79
- فتخبرنا هاتان الآيات خبر حادثة عدَتْ فيها غنمُ أحد الخصمين في الليل على زرع الخصم الآخر فاحتكما إلى داود عليه السلام، فكان حكم داود: أن تدفع الغنم إلى صاحب الزرع؛ لسبب اقتضى عنده ترجيح ذلك، ولعل السبب أن ثمن تلك الغنم يساوي ثمن ما أتلفت من الحرث، فكان ذلك حكمًا عادلاً في تعويض ما أتلف، وأما حكم سليمان عليه السلام فكان أن رأى أن تدفع الغنم لأصحاب الحرث مدة عام كامل كي ينتفعوا من ألبانها وأصوافها ونسلها ويدفع الحرث إلى أصحاب الغنم؛ ليقوموا بإصلاحه، فإذا كمل الحرث ورجع إلى حالته الأولى عاد إلى كل فريق مالُه، فرجع داود إلى حكم سليمان ابنه؛ لأنه أرفق بالخصمين، وإن كان قضاء داود صحيحًا؛ إذ الأصل في الغرم أن يكون تعويضًا ناجزاً؛ ولذلك أثنى الله عليهما فقال: (وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)
2- القصة الثانية في قضاء داود عليه السلام قد ثبتت في السنة، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنتِ، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، فقالت الصغرى: لا، يرحمك الله، هو ابنها، فقضى به للصغرى) متفق عليه .