هل يجوز أن يكون المؤذن قبيح الصوت

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٠٧ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
من حيث الجواز يجوز، فلو كان المؤذن قبيح الصوت وأتى بالأذان على وجهه الشرعي المطلوب فإن أذانه صحيح ويجزئ، فجمال صوت المؤذن ليس من شروط صحة الأذان وليس واجباً توفره في المؤذن.

لكن في المقابل فإن كون المؤذن جميل الصوت ومراعاة هذا الأمر فيه مطلوب مستحب، فالأذان هو إعلام بالصلاة وإعلان بالتوحيد خمس مرات في اليوم وتعم الناس، ولا شك أن جمال الصوت له أثره في دخول معاني كلمات الأذان إلى القلب.

لذلك كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحرص على اختيار الصوت الحسن في الأذان، فلما جاءه الصحابي عبد الله بن زيد وأعلمه برؤياه الملائكة وهي تعلمه الأذان ولم يكن الأذان قد شرع بعد وكان الصحابة اختلفوا بطريقة الإعلام للصلاة، فأقره النبي عليه الصلاة والسلام على رؤياه وقال إنها لرؤيا حق، ولكنه قال بعد ذلك (فقُمْ مع بلالٍ، فألْقِ عليه ما رأيتَ فليؤذِّن به؛ فإنَّه أنْدَى صوتًا منك).

فمع أن عبد الله بن زيد هو صاحب الرؤيا لكن النبي عليه الصلاة والسلام أمره أن يعلم الأذان لبلال، وعلل ذلك أنه أجمل صوتاً، وهذا فيه بيان واضح أن نداوة الصوت وجماله مطلوب.

وفي الحديث الآخر عن أبي محذورة رضي الله عنه المؤذن الآخر لرسول الله (أن النبي عليه الصلاة والسلام أعجبه صوته فعلمه الأذان) .

وهذا يدل أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يهتم بموضوع جمال الصوت ونداوته ويحرص عليه في المؤذن الذي يختاره.

والحكمة من ذلك واضحة وهو أن الأذان شعيرة من شعائر الدين الظاهرة، والله فطر النفس على محبة الصوت الحسن، ودخوله إلى النفس بسلاسة ويسر وتقبلها له، فكيف إذا جمع بين الكلام الحق والصوت الحسن!

ولكن جمال الصوت في الأذان لا يعني مطمططة الصوت والكلام بطريقة زائدة عن الحد بحيث يخل بالمعنى أو يصبح التركيز على الصوت أكثر من الكلمات، فالأذان ليس غناءً ولا نشيداً، وليس المقصود الأصلي منه تطريب القلوب بالصوت وإنما بالكلمة والمعنى والصوت وسيلة.

لذلك روي أن" مُؤَذِّنًا أَذَّنَ فَطَرَّبَ فِي أَذَانِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَذِّنْ أَذَانًا سَمْحًا وَإِلا فَاعْتَزِلْنَا ".

وكان الإمام مالك يكره التطريب في الأذان كراهية شديدة.

ففرق بين نداوة الصوت وجماله والتغني الزائد عن الحد.

والله أعلم