سؤالك عام جداً وأتمنى أن أكون قد فهمت قصدك جيداً لأتمكن من إفادتك بالإجابة...
كلنا أحياناً نأخذ قرارات غير مواتية لمبادئنا أو طموحاتنا أو عاداتنا أحياناً، ويكون هذا كما يقولون "من ورا قلبنا" لكننا نتظاهر أننا مقتنعون بهذا القرار أو هذا التصرف ونظهر وكأننا لا نبالي ونحن نحترق من الداخل.
سأعطيك أمثلة بسيطة تحدث معنا كل يوم لتتمكن من فهم ما قلته جيداً... الأم أحياناً تصرخ على طفلها رافضة تصرفاً ما فعله، مع أنها لا تحب الصراخ وتحب طفلها كثيراً طبعاً وليس قصدها أن تخيفه أو تهدده فعلياً، وعندما يبكي طفلها فإنها لا تحتضنه وتعتذر له، بل تتجاهله وقد تتركه يبكي وحده وتذهب لغرفة أخرى، وقد تكمل عملها، ولكنها بالطبع فعلت هذا التصرف وهي تتألم وتتقطع من الداخل، وقد لا تتمكن من إكمال عملها لأنها ستفقد التركيز من شدة التوتر والتفكير بما حدث. كما أن هناك أشخاص يتركون حب حياتهم الذي لا يستطيعون العيش بدونه بإرادتهم لأسباب قد لا تكون مقنعة فعلياً ويتألمون على الفراق ولكنهم لا يعودون لبعضهم ثانية.
قد تكون الأسباب كالتالي:
- أن يفقد الشخص أعصابه من شدة الغضب أو التوتر فيتصرف تصرفه هذا دون أن يفكر في عواقبه ومن ثم يندم على ذلك، ولكنه لا يتراجع حتى يحافظ على صورته أمام نفسه أو أمام الناس أو تجنباً للاعتذار مثلاً؛ فهناك الكثير من الناس يعتبرون أن الاعتذار علامة على الضعف والخضوع، فلا يعتذرون ولا يتراجعون عن تصرفاتهم ولا يعترفون بأخطائهم مهما حصل. ماذا تفعل: إن لاحظت هذا فعد طبيعياً مع هذا الشخص لأنه ينتظر مبادرتك وقد فعل ما فعل من دون أن يقصد التسبب في جرحك وامضِ وكأن شيئاً لم يكن ولا تصر على أن تظهر له أنه مخطئ، أما إن أصبحت هذه عادة لديه فقل له أنك لن تسامحه في المرات القادمة، وساعده ليتخلص من سلوكه هذا عن طريق تعليمه عدم اتخاذ القرارات في أوقات الغضب وطرق الاسترخاء والتنفس بشكل صحيح وبطيء لدقيقة والعد للعشرة بل التصرف، وقد يكون مفيداً أن تتفقا على كلمة سر تقولها أنت عندما تلاحظ أنه سيقع في نفس الخطأ من جديد لتقطعا الحديث بعدها لبعض الوقت ومن ثم تعودا للحديث بعد أن يكون قد هدأ قليلاً.
- أن يضطر الشخص لفعل هذا التصرف حتى يرضي العادات أو التقاليد أو القيم المجتمعية أو الناس من حوله... فأحياناً يترك الرجل امرأة أحبها لرفض أهله لها. ماذا تفعل: يمكنك التصرف حسب الموقف وطبيعة الشخص ومتانة العلاقة بينكما، فإن كان هذا الشخص هو حبيبك الذي يحبك وتحبه وتركك لأجل إرضاء أهله أو بسبب العادات والتقاليد فأنصحك بمراجعته بالأمر وتذكيره بشكل غير مباشر بلحظات ميلة حدثت معكما، وإن لم يستجب فعليك تركه وعدم الالتفات وراء ظهرك مهما حصل، لأن الشخص الذي يبيعك في بداية العلاقة وأنتما في قمة التهاب المشاعر لا يصلح أن يكون سندك حتى النهاية، وحتى لو عاد وحاول التقرب منك من جديد فلا تستسلم برأيي.
- أن يريد الشخص لفت الانتباه إليه أو أن يريد من الطرف الآخر شيئاً ما أو أن يخضعه لما يريد... فأحياناً يقوم الطفل بسلوكيات خاطئة وقد تكون أحياناً مؤذية للذات فيتحمل ألمها كأن يضرب رأسه بالجدار ليخضع أهله لتلبية طلباته... هو بهذه الحالة يتصرف تصرفاً متعمداً ولكنه صعب ومؤلم ليجبرهم على الخضوع لما يريد. كما قد يلجأ صديقك لمقاطعتك لأيام وهو يتظاهر أن هذا أمر عادي ويحاول إيصال رسالة لك بأنك لست أهم صديق عنده وأنه يستطيع أن يمضي بدونك للفت نظرك إليه ولتراجعه في هذا الأمر وتمنحه الاهتمام أكثر. ماذا تفعل: راجع نفسك أولاً لأن ليس هناك شخص يطلب الاهتمام من فراغ، فغالباً تكون مقصر في حقه ولا تعيره الاهتمام المطلوب، اهتم به أكثر وأشبعه عاطفياً حتى تقل سلوكياته هذه، ولكن لا تفعل هذا عند ظهور السلوك، بل تجاهله عندما يفعل هذا السلوك، ولكن أشبعه عاطفياً بشكل عام.