من وجهة نظري، جميع نظريات التعلم دون استثناء يمكن تطبيقها عند التعلم عن بعد، لكن تحتاج إلى معلم فعّال ومستجيب لتطبيقها وقولبتها واستخدامها بطرق تؤدي في النهاية لتحقيق تعلم فعّال ملموس. كما أن إشراك الطالب وتدريبه من المتطلبات الأساسية لنجاح هذه العملية. دون أن نتجاهل دور أولياء الأمور البارز كشركاء حقيقيين في دعم وتطوير هذه العملية من خلال دعمهم وتغذينهم الراجعة.
يستطيع المعلم تطبيق النظرية السلوكية من خلال التصميم التعليمي للدروس، واستخدام التعليم المبرمج، والاهتمام ببناء نتاجات تعليمية وتقديم التغذية الراجعة الفعالة واستخدام التعزيز بأنواعه وتعديل السلوك بشكل إلكتروني من خلال البرمجيات واسعة النطاق التي تمهّد لتعلم مميز. ويستطيع الطالب أن يبني تعلمه من خلال المحاولة والخطأ ليفهم ما يدور حوله، ويمارس التكرار ليتأكد من صحة استنتاجاته.
يمكن للمعلم أيضًا أن يركّز على التعلم ذو المعنى وبناء المعرفة لطلبته، فيكون المتعلم هو محور العملية التعليمية التعلمية، من خلال تهيئته ليكون متعلمًا نشطًا من بوساطة التعلم التجريبي، والتعلم بالاستكشاف، والتعلم بالمشاريع والتعلم الذاتي. فتتشكل لدى المتعلم المعارف الأولية والسابقة من تفاعلاته البيئية والثقافية والتركيز على دعم مهارات التفكير العليا ودور العقل في التعلم، ليستطيع المتعلم فيما بعد تخزين واسترجاع معلوماته بسهولة. وهذا ما ركزت عليه النظرية المعرفية والنظرية البنائية.
إن التعلم في أقران أو مجموعات يلعب دورًا هامًا وبارزَا في قدرة المتعلمين على اختبار أفكارهم ودمجها مع أفكار الآخرين، ومن ثم قولبتها بالطريقة التي يجدونها مناسبة، مما يتيح فرصًا مهمةً للتنظيم الذاتي، واتخاذ القرار وإنجاز المهمات، والتقليل من الأخطاء التي قد يقعون بها لو كان تعلمهم فرديًا. وهنا يبرز دور النظرية البنائية الاجتماعية في تقديم السقالات أو الدعامات وتغيير مستواها بمرور الحصة. وعندما يصبح المتعلم خبيرًا يستطيع أن يقدم الدعم لإقرانه وهذا ما يسمى بالتدريس الخصوصي سواء كان داخل أو خارج الصف. يمكن أيضًا دعم الطلبة بالتلمذة المعرفية من خلال التدرب على يد خبير، وهنا يمكن للمعلم استدعاء طبيب ليقدم شرحًا عن الجهاز الهضمي مثلًا بطريقة إلكترونية تفاعلية من خلال تطبيق الطبيب للتعلم باستخدام برامج المحاكاة الطبية.
أما النظرية الترابطية التي تؤمن بأن التعلم شبكة ذات أطر اجتماعية وتكنولوجية وتعليمية. ففي الدماغ يتوزع التعلم من خلال الاتصالات بين مناطق الدماغ المختلفة، وفي الشبكات الاجتماعية والتكنولوجية؛ يتوزع التعلم من خلال الاتصالات بين الأفراد والمجموعات والأجهزة. ويمكن توظيف النظرية الاتصالية في عمليتي التعليم والتعلم من خلال استخدام بعض البرمجيات الاجتماعية التعليميةعبر الويب مثل: المدونات، وخدمة بث خلاصات المواقع، والفيسبوك، واليوتيوب، وغيرها من برمجيات وأدوات.
في النهاية، لا يمكن أن تجد مفاضلة بين نظريات التعلم في عصر التعلم عن بعد، لكن يوجد تكامل واندماج بينها؛ بحيث يقوم المعلم بوضع نتاجاته السلوكية لتحقيق التعلم ويحدد الأدوات المناسبة لذلك. كما ينوع الأنشطة المستخدمة ويقدم لهم الفرص ليتحكموا بتعلمهم من خلال تأدية الأنشطة بالطريقة التي تناسب ميولهم وتوجهاتهم، ويختار الاستراتيجيات التدريسية والتقويمية لتراعي جميع المهارات العقلية والنفسحركية والوجدانية. ويراعي استخدام استراتيجيات تحفز العمل العمل الجماعي مع تقديم التغذية الراجعة المناسبة من قبله أو من قبل الأقران أو المجموعات قبل إغلاق النشاط أو الدرس، ليتأكد الطلبة أنفسهم من تحقيقهم للنتاجات. مع التأكيد على تصميم مقرره بطريقة تفاعلية داعمة تكاملية ومدمجة، ويبتعد قدر الإمكان عن الأسلوب التقليدي في تقديم مقرره.
المراجع: