ليس هناك مساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام، ولكن هناك عدالة! وفرق كبير بين الأمرين!
فالمساواة تعني أن الواجبات والتكاليف التي يخاطب بها الرجل هي ذات التكاليف والواجبات التي تخاطب بها المرأة ، وبالتالي تكون الحقوق واحدة، وهذا ظلم للمرأة كما هو ظلم للرجل، كما هو مخالفة للسنة الكونية والفطرة.
فالله خلق الرجل بكيفية وهيئة وصورة وخصائص تعينه على القيام بمهامه في الحياة من السعي في الأرض وعمارتها وتحمل المشاق والتكاليف، وخلق المرأة بكيفية وهيئة وصورة وخصائص جسدية وروحية ونفسية تمكنها من أداء مهمتها في الحياة بسكون الرجل إليها وراحته معها وتحملها معه تبعات الحياة وتوفيرها المسكن للرجل وقيامها على عائلته وتربية أطفاله، لتمد الأمة برجال، وهي بذلك لا تقل عن الرجل مكانة وأهمية، وإن كان لكل دوره ومهمته.
فإذا أردنا أن نجعل المرأة مكان الرجل وفي مقامه وقائمة مقامه فإنها نحملها حملاً لم تخلق له ولم تهيئ له ولا تصلح له ليس سوءً فيها ولكن لأنه ليس دورها أصلاً.
وكل ما يقال عن المساواة بين الرجل والمرأة كله كذب بدأ الغرب نفسه يتراجع عنه!
فأهل زماننا أرادوا أن تصبح المرأة هي المهندسة والميكانيكية والنجار والحداد وشرطية المرور، فظلموها وجعلوها في الشارع تقاسي ما يقاسي الرجل من مشاق الحياة، ثم ضحكوا عليها وصفقوا لها بدعوى أنك بذلك انتصرت وحققت حريتك واتنزعت حقك!
وإن نظرة واحدة منك إلى واقع عمل المرأة بإنصاف يعطيك صورة واحدة كم خسرت المرأة لما خرجت إلى العمل جنباً إلى جنب مع الرجل بدعوى المساواة!
أما في الإسلام فإن الله لما حذر آدم عليه السلام من مكر إبليس قال له (فلا يخرجنكما ن الجنة فتشقى) ولم يقل فتشقيان، إشارة إلى أن الشقاء في الدنيا والكد فيها هو من نصيب الرجل لا المرأة، وهذا ما يتناسب مع خلقة كل واحد منهما.
ثم الإسلام فرق بين الرجل والمرأة في التكاليف فأعطى كل واحد منهما وفرض عليه ما يناسبه، وهذه هي العدالة.
ففرض على الرجل: صلاة الجماعة والجمعة والجهاد في سبيل الله، وجعل له الحكم والولايات العامة، وجعله قائماً على أسرته وأوجب عليه في المقابل النفقة عليها ورعايتها.
أم المرأة: فقدر سبحانه عليها مهمة صعبة وهي الحمل ولكنه جعل برها قبل بر الأب، وأعفاها من الصلاة والصيام في أوقات دورتها الشهرية مراعاة لحالها ونفسيتها، وفرض عليها طاعة زوجها ورعاية بيتها وولدها ولكنه أعفاها من النفقة وجعل مهمة النفقة على وليها زوجاً أو أباً أو ابناً أو أخاً.
أما الميراث فتولى ربنا بذاته العلية تقسمينه ولو يتركه لملك مقرب ولا نبي مرسل، فأعطى كل واحد حصة بنظام دقيق لا يستطيع مثله أو قريباً منه أفضل كتاب القوانين وأحذقهم، وهذا التوزيع تارة يكون فيه نصيب الرجل أكثر لحكمة وتارة يكون نصيب المرأة أكثر لحكمة أخرى، بحسب الورثة.
قال الله تعالى مبيناً ما سبق ذكره بأبلغ عبارة وأحكمها وأعذبها:
(وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (النساء، 32).
قيل في سبب نزول الآية: أن أم سلمة قالت: "يا رسول الله: تغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث! فنـزلت: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ".
قال الطبري رحمه الله (ذكر أن ذلك نـزل في نساءٍ تمنين منازلَ الرجال، وأن يكون لهم ما لهم، فنهى الله عباده عن الأماني الباطلة، وأمرهم أن يسألوه من فضله، إذ كانت الأمانيّ تورِث أهلها الحسد والبغي بغير الحق).
والله أعلم