يجب على الفتاة المسلمة لبس الحجاب الشرعي والالتزام به ببلوغها وجريان التكليف عليها، ويستحب لأهلها تعويدها عليه ببلوغها سن التمييز وهو السن الذي يبدأ فيه ظهور علامات الأنوثة عليها .
وعلامات البلوغ للفتاة تعرف بواحد مما يأتي:
1.نزول دم الحيض منها- أو ما يسمى بالعادة والدورة الشهرية- .
2. الإنبات، بمعنى نبات الشعر حول العانة والفرج.
3. بلوغها سن الخامسة عشر القمرية
فإذا حصلت عند الفتاة واحدة من العلامات الثلاثة، فقد صار واجبًا عليها لبس الحجاب الشرعي الكامل، وتأثم بتأخيره عن ذلك، فأقصى حدّ يمكن تأخر لبس الفتاة للحجاب له هو سن الخامسة عشرة.
وذلك أن الله أمر نساء المؤمنين وخاطبهن بلبس الحجاب في أيات عدة في سورتي النور والأحزاب، كما قال تعالى في سورة الأحزاب الآية (59) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ). وفي سورة النور الآية (31) (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ )
وروي عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا ) - وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ –.
وهذا الحديث رواه أبو داود وهو ضعيف ولكن يستأنس به.
والخطاب والأوامر الشرعية يخاطب بها الله المؤمن والمؤمنة ببلوغهما بالإجماع، فيعتبر سن البلوغ هو الحد لجريان القلم وكتابة الحسنات والسيئات على العبد.
والحجاب الشرعي الذي يلزم الفتاة المسلمة هو تغطية جميع بدنها إلا الوجه والكفين، فقد اختلف فيهما العلماء، ولم يختلفوا في وجوب تغطية سائر البدن، أما الوجه والكفين فاتفقوا على استحباب تغطيتهما، واختلفوا في وجوب ذلك.
وُيشترط في الحجاب الشرعي أن يكون فضفاضًا ليس ضيقًا، يفصل العضو ولا يكون شفافًا، ولا يكون ذا لون لافت للنظر؛ لأن المقصود من الحجاب هو الستر وحفظ المرأة ، فلا يصح أن يتحول الحجاب نفسه إلى زينة وتبرج. وقد ابتلينا في هذا الزمن بصنفين من المسلمات:
- صنف يقلن لا أريد أن ألبس الحجاب حتى أقتنع به، بل صرنا نسمع هذه العبارة من بعض الأمهات والآباء لما يسألون عن تبرج بناتهم يقولون دعها حتى تلبسه عن قناعة. وأي قناعة في الحجاب وما الذي تحتاج إلى قناعة فيه، وقد أمر الله به في كتابه، وأمر به رسوله، وأجمعت عليه الأمة سلفًا وخلفًا، ولم يخالف ذلك أحد،فأي قناعة بقيت؟ نعم هي بحاجة إلى قناعة بدينها بوجوب طاعة ربها وطاعة رسولها وقهر شيطانها، فليست المسألة مسألة قناعة، وإنما هو شيطانها وهواها غلبها حتى جعلها تتبرج وتُظهر زينتها، ينظرها كل غريب.
- صنف غطين رؤوسهن ولكنهن تبرجن في سائر جسدهن، فصار الحجاب نفسه زينة وتبرجًا، فخالفن المقصد من هذه الفريضة العظيمة. وقد أخبر النبي عن وجود هذا الصنف في أمته لما قال (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، وذكر منهما: ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا) (متفق عليه)
فهي في الظاهر كاسية قد لبست الثياب، ولكنها في الواقع عارية؛ لأن ثيابها زينة بحد ذاتها، تفصّل جسدها وتصفه وتزينه وتجلب النظر إليه، وهي مائلة عن الحق وطريقه، مميلة غيرها من الرجال الذين تفتنهم بالنظر إليها أو النساء اللواتي يقلدنها.
إن الحجاب كرامة وعفة وطهر وحفظ للمراة المسلمة أن تصبح سلعة تتقاذفها الأعين و تشتهيها الأنفس.
والواجب على الأهل الناصحين المحبين الخير لبناتهم أن يحرصوا على تدريب بناتهم على الحجاب من صغرهن حتى ينشأن على حبه، ويسهل عليهن لبسه عند البلوغ، كما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تدريب الأولاد على الصلاة في صغرهم؛ ليسهل عليهم الصلاة عند كبرهم.
والله أعلم