ما هي الصور المعاصرة لبيع الغرر وما هي الحكمة من تحريمه

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
١٣ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
بيع الغرر: هو بيع مجهول العاقبة أو ما فيه مخاطرة ومقامرة قد تؤدي إلى خسارة أحد الطرفين.

وقد جاء النهي عنه في عن رسول الله باسمه كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"نهى رسول الله عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر".

وكذلك جاء النهي في السنة عن أنواع من البيوع كلها تدخل تحت باب الغرر مثل:
النهي عن بيع الملامسة: ومعناه أن يتفق البائع مع المشتري أن أي ثوب لمسه المشتري فهو له بثمن كذا.

وبيع المنابذة: كأن يتفقا أي ثوب نبذه يعني طرحه البائع أو المشتري فهو بثمن كذا.

وبيع الحصاة: وله صور منها تحديد المبيع برمي الحصاة فأي واحد وقعت عليه فهو المبيع.

وبيع حبل الحبلة: وهو بيع الجنين الذي قد ينتجه الجنين الموجود الآن في بطن الناقة عن كبره.

وقد جاء في القرآن النص على تحريم الميسر وهو نوع من الغرر لما قال تعالى في سورة المائدة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)".

فالميسر والقمار هو نوع من الغرر.


وتحريم الغرر يعد أصلاً عظيماً من أصول الاقتصاد الإسلامي فهو السبب الثاني للتحريم مع الربا.

ومن صور الغرر المعاصرة:

1. عقد التأمين التجاري: فهو أشهر صور الغرر المعاصرة، لأنه يعد عند جمهور المعاصرين نوعا من الغرر، ووجه ذلك أحد الطرفين سيكسب والآخر سيخسر في الغالب ولا يدري كلاهما عاقبة الأقساط التأمينية التي ستدفع، فقد يدفع المؤمن قسطاً واحداً ثم يستحق مبلغ الحادث المؤمن عليه فيربح المؤمن وتخسر الشركة، وقد يدفع سنوات وسنوات ولا يحصل أي شيء فيخسر المؤمن وتربح الشركة.

2. ما يسمى بورقة اليانصيب.
 
3. بيوع الخيارات والمشتقات المالية التي يتم إجراؤها على البورصات.
 
4. عند تجار الغنم مثلاً يبيعون بطريقة تمسى القطع، بحيث ينفر الغنم ثم يحجز 10 أغنام مثلاً عشوائياً فهذه المحجوزة هي التي يقع عليها البيع ويكون سعرها أقل من لو اشتراها بشكل طبيعي .

أما الحكمة من تحريم الغرر فحكمتان
:

1. إن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل: وذلك لأن الأصل في البيع أن يقوم على المعادلة وربح الطرفين فالبائع يربح الثمن والمشتري يربح السلعة بثمن مثلها تقريباً، أما بيوع الغرر فأصحابها يدخلون فيها على أن يربح أحد الطرفين كثيراً بينما يخسر الآخر بشكل أو بآخر، وكل منهما يرغب خسارة صاحبه

فمثلاً بيع المنابذة وما شابهه من بيوع معاصرة: التاجر يضع سعراً منخفضاً للسلعة على أمل أن يغري المشتري بالشراء ثم تكون طريقة اختيار السلعة فيها محاولة لأن يعطيه أردء الموجود عنده فيربح الثمن والمشتري يكون حصل سلعة رديئة، بينما المشتري يحاول أن يحصل أفضل الموجود وأعلاه فيحصل أفضل السلع بثمن بخس.

2. إن ذلك يؤدي إلى زرع العداوة والبغضاء بين الناس، لأنه لما كان أحد الطرفين يربح والآخر يخسر فإن ذلك لا بد أن يؤدي إلى زرع  العداوة والحزن في قلب الطرف الخاسر، وقد يتهم الآخر بخداعه وينشئ نزاع بينهما ويحصل ما لا تحمد عقباه.

وهذا نشاهده في عقود التأمين كثيراً فكم يحاول الناس الاحتيال على عقد التأمين لتحصيل أموالهم التي يعتقدون أنها أخذت منهم بطريقة غير عادلة.

وقد قال الله تعالى" إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ".

والله أعلم.