الحكمة من تقديم حق الزوج على الوالدين بالنسبة للزوجة ، هو استقرار النظام الاجتماعي في المجتمع المسلم ، وذلك أنه لا بد عند التعارض بين الحقوق من سلم واضح يراعي الأولويات ، ليقدم ما حقه التقديم ويؤخر ما حقه التأخير ، وبغير وجود نظام واضح تضطرب الأمور وتصبح خبط عشواء فيقدم كل أحد ما يحبه ويهواه.
واللبنة الأولى في المجتمع هي الأسرة التي تنشأ من ارتباط الزوج بزوجته ، فوالديك قبل أن يكونا والدين فهما زوجان ، فإذا حافظنا على هذه الأسرة ورعيناها حق الرعاية أثمرت هذه الزوجية بيئة صالحة لنمو الفروع الصالحة الذين هم الأولاد ، فإذا لم نوجد استقرارا لهذه الاسرة لن يجد الوالدين اولادا صالحين يبروا واليهم عند الكبر .
فالزوجة هي الركن الثاني في قيام الأسرة بعد الزوج والحياة الزوجية والشرع جعلها سكنا ورحمة وجعل خلقها آية من آياته ، ولا تقوم حياة زوجية بدون زوج وزوجة بينما الأسرة يمكن أن تسير حالها بدون ابنة او ابن أو بدون أحدهم على الأقل .
وانظر إلى حال الزوج الذي يفقد زوجته وحال الوالدين الذين يفقدان أحد اولادهم ، كلا الفقدين مر لا شك ، لكن الزوج لن يعوضه وجود أولاد آخرين في حياته ولا يقوم أولاده بمصالحه كما لو كانت زوجته ، اما الوالدين الذين يفقدان أحد أولادهم قد يجدان من يقوم مقام ذلك الولد او البنت المفقودة ويمشي بمصالحهما .
فالخلاصة أن الزوجة لن يقوم أحد مقامها بشؤون زوجها ومصالحه بينما قد تجد من يقوم بمصالح والديها غيرها وقد لا يحتاجان لها أصلا .
وهذا لا يعني أن الإسلام يعارض بين حقوق الوالدين وحق الزوج أو يخلق إشكالية بينهما ، بل الإسلام يعطي كل ذي حق حقه ، ويامر الزوج أن يعين زوجته على بر والديها والإحسان إليهم وهذا من العشرة بالمعروف المأمور بها ، ولكن في الطرف المقابل يأمر الزوجة أن تجعل زوجها هو محور حياتها أولا ، فإذا حصل تعارض في مرحلة ما فلعيها أن تحاول الجمع والتوفيق مع عدم الميل إلى والديها على حساب زوجها .
والله أعلم