لطالما كانت الحياة تجسد في عقولنا الاوقات السعيدة التي نتخيل انفسنا دوماً بداخلها، و الأيام التي تعلق في أذهاننا والتي تتخللها أشعة الشمس المشرقة، و نسمات هواء الصيف العليل في إحدى أجمل المناطق في الكون والتي يترأسها عزف اصوات الطبيعة و ضحكات الأصدقاء والعائلة، لكن بعد لحظات من الإبحار في عالم الخيال نفتح أعيننا لنجد انفسنا على ضفاف الواقع، و ننصدم بالحقائق الموجودة لاستقبال ارواحنا، و التي تعكس الوجه الحقيقي للحياة و تنزع عنها كل الاقنعة الملونة التي رسمها خيالنا ليغطي ظلام تجاعيدها.
لعل الحقيقة في بعض الأحيان مؤلمة لكنها برأيي تساعدنا على انتشال أنفسنا من غياهب الأوهام، التي تتبخر لحظة وصولنا الى حدود السعادة المرسومة على ابوابها، والتي تغرق انفسنا في دوامات الضياع، وتزرع بداخل قلوبنا كتل من المشاعر المظلمة التي في نهاية الأمر ترمينا في ثقبها الأسود السرمدي.
إن هذه الحقائق موجودة أمامنا في كل تفاصيل حياتنا، لكننا نرفض تصديقها، و نهرب منها الى حلقة الحياة الوهمية التي يرسمها خيالنا لكننا ما نلبث إلا ان نجد انفسنا نرتمي بين أحضان الحقيقة بعد غرقنا في مدارات من الأوهام، مما يزيد من شعور الالم التي تخلفه هذه الحقيقة و التي تهدم به قلاعاً من الاوهام بداخلنا.
بالنسبة الي و في الأغلب واجهت العديد من التجارب التي قادتني نحو بعض الحقائق المؤلمة، ولعلني صدقت هذه الحقائق بعد صراع من الاوهام، حيث كان الفشل يترأس هذه القائمة، كم حاولت الهروب من هذه الحقيقة و حاولت جاهدة ان لا اقع في حفرتها المظلمة، لكن وكما قال ارسطو:“إنَّ الطريقة الوحيدة لكي تتجنب النَّقد هي ألَّا تقوم بأيِّ شيء، ولا تقول أيِّ شيء، ولا تكون أيَّ شيء”، اي ان الفشل هو واقع شبه مؤكد، و حقيقة يجب تصديقها لانها وببساطة تختبئ وراء كل نجاح و لولا مشاعر الالم التي نتجرعها بسببها ما كنا استمتعنا بطعم السعادة التي تقترن بالنجاح، لعل من خلال هذه الحقيقة تأكدت بأنني سوف افشل مرات عديدة و اقع في مواقف محرجة و اتخذ قرارات سوف اندم عليها لا محالة، لكنني متأكدة بشكل او بأخر ان خلف كل هذه الحقائق المؤلمة يوجد طريق ينتهي بنور النجاح اتقدم فيه خطوة بخطوة مع كل درس اتعلمه، و انفض غباره عن عباءة واقعي، لكي أتمكن من المضي قدما نحو حقيقة اخرى و لكنها هذه المرة تحمل مشاعر السعادة و ليس الالم.
من وجهة نظري يجب عليك التأكد دائما ان هذه الحقائق تحلق كل يوم في الواقع الذي نعيش فيه، ولكننا لا ننتبه اليها بسبب ضباب الاوهام الذي يأسر عقولنا، ولكن مع أول موقف واقعي يحدث معنا تسقط احدى هذه الحقائق و تقشع ضباب الاوهام حول رؤوسنا، لكي تزرع الالم المرافق لها في انفسنا، لكن تأكد بأن وبالرغم من اليأس الذي يتخلل ارواحنا الا ان هذه الحقيقة تقودنا نحو طريق الصحيح دوماً الذي بدوره يساعدنا على تعديل مسار خطواتنا حتى و لو كان ملتفا بالأشواك.
197 مشاهدة
