أقدّر كثيراً مشاعرك وأعلم كم هو مؤلم أن تفقد حبيباً عزيزاً على قلبك، ولكن في إجابتي سأساعدك لكي تتخطى هذه الأزمة وتستمر في حياتك بكل طاقة وحيوية بإذن الله.
في البداية الصدمة عموماً والعاطفية بشكل خاص تمر بمراحل متعددة تفسر كيف تحدث الصدمة العاطفية:
- تبدأ بمرحلة المفاجأة أو لحظة الانبهار من أولها.
- مرحلة الإنكار.
- مرحلة الاحتجاج على الموقف الذي سبب الصدمة.
- مرحلة الكآبة والضيق والحزن.
- وفي آخر الصدمة تأتي مرحلة القبول لها.
أثناء الصدمة تحدث تغير كيميائي في جسمك وذلك بانسحاب بعض المركبات الكيميائية التي تؤدي إلى انقلاب الحالة المزاجية، وتقليل الشعور بالأمن، والسلام والطمأنينة كلما زاد تركيز هذه المواد في جسمك.
لذلك حتى تستطيع مواجهة الصدمة وتجاوزها بأقل خسارة ممكنة، وتحمي نفسك منها من الأساس لا بد أن تتعلم منهج إدارة الصدمة.
عزيزي السائل، حصل الموقف وانتهت الصدمة بجميع مراحلها وأنت الآن من يقرر أن تبقى أسيراً لهذه العلاقة والصدمة، أو أن تتحرر منها وتتخلص من مركب الحب وتعود لحياتك بكل قوة وإرادة.
أريد منك أن تتعامل مع الصدمة على أنها تنقية لقلبك وهذا الفراق كان لا بد منه، واعتبره درس وخبرة لك في هذه الحياة. وهنا يجب أن تعزز ثقتك بنفسك بالدرجة الأولى وتحب ذاتك أضعافاً مضاعفة وأن سبب الانفصال مثلاً، ليس بسببك ولا علاقة لشخصيتك وذاتك فيه. وأتمنى لو تتطلع على إجابتي في التدريب على حب النفس هنا.
تحتاج إلى خطوات عملية لتتخطى مشاعر الفقد والحزن بعد الصدمة، وتدخل في حياتك الاجتماعية والمهنية بروح جديدة وإليك هذه الخطوات:
الخطوة الأولى اسأل نفسك لماذا أحببت هذا الشخص؟ هل كانت لديك حاجة معينة لم يوفرها والديك مثلاً ووجدتها في هذا الشخص، أو نتيجة مشاكل عائلية أجبرتك أن تبحث عن حبيب تشاركه أفكارك ويومياتك؛ لأنه في بعض الأحيان لا نحب لصفات وشخصية الطرف الآخر، ولكن لتلبية رغبة وحاجة بداخلنا تدفعنا لجذب شخص معين لحياتنا. لذا إذا وجدت نقص معين بداخلك أدى إلى فشل هذه العلاقة وتعرضك للصدمة منها أشبع هذا النقص قدر الإمكان.
الخطوة الثانية بالتأكيد لن تنسى تفاصيل هذه العلاقة ببساطة، ومن الطبيعي أن تسيطر عليك مشاعر فقدان الحبيب، والشوق له والضياع من دونه ولكن الحكمة أن تتحكم في هذه المشاعر، وتضبط ردود فعلك وتغير نمط أفكارك المرتبطة بذلك الشخص وتفصلها عنه تماماً. لذا أنصحك أن تستشير معالج نفسي وتتكلم معه عن مشاعرك في هذه الفترة ليساعدك بما هو مناسب لك. وخيار آخر إذا أمكن الحديث مع أحد والديك وهو الأفضل من وجهة نظري لأنه سيدعمك نفسياً وعاطفياً، ويمنحك ثقة كبيرة بنفسك ولا تخف من البوح في مشاعرك لأنه لن يكون أحد أحن عليك منهما.
الخطوة الثالثة من الضروري أن تقطع كل سبل الاتصال والتواصل مع الطرف الآخر إذا كنت تتابعه على جميع مواقع التواصل الاجتماعي احظره عليها، ولا تضعف أبداً تجاهه وكذلك بالنسبة للمحادثات والصور احذفها من هاتفك ولا تترك له أثراً أمامك لأنك لن تنساه إذا جلست تنظر لصوره وتراجع هذه المحادثات.
الخطوة الرابعة اعمل على تنمية أهدافك المستقبلية أو إذا كان لديك أهداف انشغلت عنها فترة علاقتك بهذا الشخص، ولا تنتظر طويلاً حتى تتعافى تماماً من مشاعر الصدمة بل أجبر نفسك على الذهاب للعمل ولأشغالك الخاصة، وانخرط في الحياة وأخرج مع أصدقائك وشاركهم أفراحهم وإنجازاتهم ولا تبقى في دائرة الحزن والألم. ومن المهم جداً أن تستبدل وقت فراغك بهذه النشاطات بما ينمي عقلك ويشفي قلبك تدريجيا.
الخطوة الخامسة كن على يقين تام أن ما حدث هو خير لك. اعلم أنك الآن تقول في نفسك كم أحببت هذا الشخص، وكم كنت ستكون سعيداً معه ولكن أنت لا تعلم ما كان يخبئه لك القدر معه. لذا عليك أن تؤمن بالقدر خيره وشره وأن تثق بتدبير الله لحياتك، وتقوي علاقتك به وتلجأ إليه في فرحك وحزنك لأنه خير سند وخير معين. وصدقني لو قلت لك أن بعد فترة ستظهر لك أسباب لم تكن تراها من قبل، وتستغرب كيف كنت سترتبط فيه وتحمد الله كثيراً على الابتعاد عنه حينها.
وأقول لك في النهاية أن الوقت كفيل بنسيانك له والأيام ستعوضك عن هذا الألم والحسرة في قلبك بشخص لم تتوقعه وفي وقت لا تتخيله فقط ثق بالله وبنفسك.