تعرّف إلى مفهوم التولبا:
تولبا من منظور فلسلفي ثقافي هي الصديق الوهمي أو كما يطلق عليه "رفيق خيالي"، وغالبًا ما يتولد هذا الصديق من عملية التأمل والتنويم المغناطيسي (قوى روحيَّة أو عقليَّة).
سأوضّح لك أكثر، من ناحية نفسية تعود أصول تولبا لما يطلق عليه بـِ "الحديث الذاتي أو حديث النَّفس"، وتجد هذا الحديث ظاهرًا عند الطفل في مراحل ما قبل المدرسة؛ فهو يتخيل صديقًا مقربًا له ويشاركه الأحاديث المختلفة دون خوف أو خجل.
أضف إلى ذلك، أنّ تولبا كمفهوم ظهر بشكل حديث عند ألكسندرا ديفد نيل في كتابها "السحر والغموض في التبت"، حيث لاحظت ألكسندرا أنَّ سكان التبت كانوا يمارسون نوعًا من أنواع التصوّف الذي يحصل فيه نوع من أنواع الارتقاء بالعقل والروح والاقتران بما وراء الجسد، وبالتالي، تكوين كائن خيالي مستدام مع الشخص.
وإذا كنتَ غير مطلّع على نظريات علم النفس، فقد ترى في تولبا أمرًا هزليًا أو خياليًا أو أنَّه أمر غير موجود، لكنْ، كُلّ منا له تولبا خاصَّة بشكل أو بآخر، وإن لم تكن ظاهرة بالمعنى والشّكل الصوفي.
واعلَم أن إحياء تولبا أو تكوين تولبا يكون ظاهرًا بنوعين:
أولًا: التأثير النشط (حالة الشخص عند استحضار تولبا)، وهنا إشارة إلى التفكير الواعي بالصديق الخيالي تولبا (عملية ناتجة عن رغبه إرادية)، عن طريق ممارسة التأمل والتنويم المغناطيسي الذاتي، وبالتالي مشاركتها للشخص يكون محدودًا في أوقات محددة في اليوم.
ثانيًا: التأثير السلبي، وهنا يكون إشراك تولبا ظاهرًا خلال أقسام اليوم كافة عن طريق السرد والتحدث المستمر أو الحديث بصوت عالي.
وكمعلومات إضافية تثري ما لديك من بنية معرفية اعلم أن لتولبا مميزات وعيوب عدة ومن أهم مميزاتها:
- تطوير القدرة على تنظيم الذات من خلال التعامل مع المشاعر والانفعالات المختلفة.
- تخفيض نسبة الانفعالات والضغوطات النفسيَّة والشعور بالراحة بدرجات كبيرة.
- ممارسة خطوات حل المشكلات بشكل ضمني من خلال الحديث والسرد لتولبا.
- الشعور بالأمن والثقة بالنفس نتيجة مشاركة الخبرات الشخصيَّة مع شخص وإن كان مُتخيل.
- زيادة تقدير الذات واحترام النفس نتيجة فهم ووعي الشخص لذاته.
- المساعد على تحليل الخبرات الشخصيَّة وفهم النفس بطريقة أكبر وبالتالي تحقيق وعي ذاتي كبير.
- الشعور بالأمن الروحي والتخلص من مشاعر الوحدة إن وجدت.
- مساندة الشخص خاصَّة في حال التواجد في بيئة سلبية غير آمنة نفسيًا.
- التخلص من الارتباك الاجتماعي في بعض الأمور التي لا يمكن مشاركتها مع الآخرين خاصَّة الأمور الشخصيَّة والحساسة.
كما أقدم لك بعض سلبيات تولبا:
- الاتكال على الأمل الوهمي في بعض الأحيان واللجوء إليها في حل المشكلات والابتعاد عن الحلول الواقعية.
- انخفاض نسبة اختلاف الرأي الآخر لأنَّها غالبًا ما تكون متسقة مع ما لدى الشخص من مبادئ، وقيم، وتوجهات وبالتالي انخفاض فرص الدعم النفسي والمعنوي والمادي الحقيقي.
- الانخراط بأحلام اليقظة والانسلاخ عن الواقع.
الخلاصة: لا تُعدُّ تولبا إحدى الاضطرابات الشخصيَّة، فهي قد تكون امتدادًا لنموّ نفسي طبيعي أو قد تكون جزءًا من ممارسة عقديَّة دينيَّة أو ثقافيَّة ما.
64 مشاهدة
