ما هي الأديان:
الدين هو غذاء روح الإنسان، كما أن الطعام والشراب هو غذاء بدنه، فكل واحد منا له جسد وروح وكل منهما له قوامه ومادته التي يعيش عليها، وهذا الدين والغذاء الروحي هو الفارق بين الإنسان والحيوان!
فكلنا نرى الحيوانات والبهائم تأكل وتشرب وتتناكح وتلهو وتقوم بحاجة بدنها، فإذا كان الإنسان موجود لنفس الغاية وهو الطعام والشراب وقضاء الشهوة واللهو لانعدم الفارق بينه وبين الحيوان، ولكن هذا العقل الموجود وهذه الروح والقدرة على الاختيار والتدبر والتفكر تدل أن لك أيها الإنسان وظيفة مختلفة وغاية أخرى.
والدين حاجة فطرية عند الإنسان حاجته إليه أشد من حاجته إلى الطعام والشراب، وكل واحد منا يجد هذا من نفسه وداخله، أنه فطرته توجهه إلى رب يعبده ودين يلبي الجانب الروحي عنده، ويكون محركاً له، وإن كنا ننسى كثيراً في غمرة الحياة ودوامتها، ولكن تبقى هذه الحاجة موجودة لا تستقر نفس الإنسان بدونها، وكل من تجده يزعم أنه لا دين له فإنك تجده مضطرب لو واجه نفسه وصدقها في التفكير لعلم أنه كاذب!
لماذا تختلف الأديان ولا تتفق سماوية كانت أو أرضية؟
الأديان السماوية واحدة متفق وليست مختلفة من حيث الأصل، فكلها تدعو إلى أمر واحد وهو عبادة الله خالق هذا الكون وموجده وتوحيده، والكفر والبراءة بما سواه من الآلهة المزعومة، فهذه القاعدة الرئيسة التي قامت عليها كل الأديان السماوية سواء اليهودية أو النصرانية أو الإسلام، وإنما اختلفت هذه الأديان في بعض الفرعيات والأحكام العملية بحسب ظروف وجودها.
وإنما الاختلاف الحالي بين هذه الأديان إنما سببه أهواء البشر ورغباتهم وما في قلوبهم من حب السيطرة والعلو في الأرض ورفض الخضوع للحق إذا خالف الشهوة.
فاليهود في غالبهم حرفوا ديانتهم مع مرور الزمن لعدة أسباب منها رغبتهم في الفرار من تكاليف الدين التي هي في الأصل جاءت لضبط النفس ورقيها لتكون عابدة لمن يستحق الخضوع له، فحرفوا وبدلوا وغيروا في دينهم، ثم رفضوا متابعة النبي عيسى عليه السلام فزادوا في تحريف دينهم.
والنصارى كذلك حرفوا في دينهم لعدة عوامل منها مناكفة اليهود حتى أحلوا لأنفسهم كل ما هو محرم على اليهود في الأصل، ثم أدخلوا التثليث في دينهم وليس هو منه في الأصل.
أما الإسلام فحفظ بحفظ معجزته وهي القرآن فلم يمكن تحريفه.
أما الديانات الأرضية كالبوذية والهندوسية، فكان من الطبيعي أن تختلف فيما بينها لاختلاف أفكار وظروف منشيئها ومخترعيها، فأفكار البشر تختلف وأهواءهم تختلف ورغباتتهم تختلف، فذاك يغلب عقله شهوته وذاك تغلبه شهوته، وذاك تغلبه عصبيته لقومه وآخر... إلخ.
فالديانات السماوية لما كان مصدرها في الأصل واحد كانت متفقة، وإنما الاختلاف جاء من تغيير وتبديل بعض متبعيها، أما الديانات الأرضية فكان من الطبيعي أن تختلف لاختلاف مصدرها، وللبشر فيما يهوون طرائق!
وخالق هذا الكون كان قادراً على جمع الناس على دين واحد لا يختلفون عليه، ولكن لو حصل ذلك لانعدمت الحكمة من هذه الحياة التي نعيشها وهي حكمة الابتلاء والاختبار.
فجمعنا على دين واحد وكون الناس لا يختلفون يعني إزالة الاختيار والإرادة منهم وجعلهم مسيرين لا مخيرين، وهذا مخالف للحكمة من الخلق.
وقد جاء في القرآن (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم..).
لاختلاف أهواء البشر ورغباتهم وطرائقهم في التفكير:
-فذاك تغلبه شهوته على عقله وفطرته فيرى المعجزة الدالة على صدق النبي فيرفضها ويأباها لأنه يرى في هذا الدين تقييد لشهواته وأهوائه، فيرفض هذا الدين الذي جاء به النبي ويصر على اعتقاداته التي تتيح له ما يشاء من شهوات ورغبات.
لماذا الناس تموت من أجل الدين؟
لأن الدين يمثل للإنسان الملتزم به الغاية التي يعيش لأجلها والمحرك الذي يحرك يحركه والمبدأ الذي يعيش لأجله، والنفس التي ترتقي عن أنانيتها والتفكير في ذاتها فقط وتجد مبدأً تعيش لأجله يكون عندها استعداد للتضحية لأجل هذا المبدأ لظهوره وانتشاره، وتعتبر النفس هذا الأمر رقياً ودلالة على عظمة هذه النفس، وتكون هذا النفس موعودة بثواب على هذه التضحية أعلى بكثير من الحياة التي ضحى بها.
وهذه المفهوم صحيح ولا شك لأن من يعيش لأجل مبدأ ويضحي لأجله فإنه أفضل ولا شك ممن يعيش لا لهدف أو غاية، وإنما يعيش ليعيش فقط! ليأكل ويشرب ويتمتع فليس في ذلك أي رقي أو تميز!
والصراع بين أهل الأديان أمر كوني سيبقى ما دامت السماوات والأرض، حتى يرث الله الأرض وما عليها.
لكن الشخص الموفق والعاقل هو الذي يحرص على أن يبذل نفسه في سبيل المبدأ والدين الحق الذي يتفق مع الفطرة والكون، وهذا غير موجود إلا في دين الإسلام ، فهو الدين الحق لمن تدبر وتأمل.، وتفصيل ذلك يطول وليس هو مقصود السؤال على كل حال.