من وجهة نظري تعد السنة الأولى من الزواج أكثر السنوات تحدياً على الزوجين، فمهما كانت فترة الخطوبة طويلة أم قصيرة فالزواج مختلف، أنت الآن تتشارك حياتك مع شخص آخر بكل ما فيها من جوانب ، وتشارك الآخر حياته أيضاً ومن هنا تتولد لدينا بعض المشاكل أو ربما العقبات إن صح التعبير والتي يجب أن يتعامل معها الزوجين بحكمة لأنها ستحدد سير العلاقة للفترة القادمة من حياة الطرفين.
والأمور التي يختلف فيها الزوجين والتي تشكل دروساً أكثر من كونها مشاكل هي أمور معروفة لدى الأخصائيين الأسريين وتتركز حول أربع محاور مهمة سأوضح كل منها الآن توضيحاً وافياً:
1. مهارات التواصل: الزوج ليس والدكِ أو أخوكِ، بل هو زوجك وإن كان يغطي الأدوار هذه جميعها، والزوجة كذلك ليست والدتك أو أختك بل هي زوجة، من هذا المنطلق ومن فهم علاقة الزوجية يجب أن يعلم الزوجين ما هو أسلوب التواصل السائد بينهما، فلا تستطيع الزوجة أن تتصرف كالأطفال في النقاشات وتعاند أو ترفع صوتها، وكذلك الزوج لا يجب أن يعامل الزوجة كأنها غرض من أغراض المنزل، على الطرفين أن يتعلّما معنى كلمة "شريك" ويبدآن بتطبيق هذا على أرض الواقع، تتشاركان اتخاذ القرارات، لا يكذب أحدكما على الآخر أو يخفي بعض الحقائق عن شريكه، لا يعامل أحد الأطراف الآخر بأنه لا يفهم أو أنه لا يملك الحق بمعرفة كل ما يجري بل يسود الاحترام المتبادل الجو العام للعلاقة، يجب وقم بوضع خطين تحت كلمة يجب أن يتبادل الزوجان أطراف الحديث مهما كانت المشاغل تملأ حياتهما، من الضروري توفير وقت جيد لهما.
2. الأمور المادية: بعد الشهر الأول من الزواج تبدأ معاناة الأزواج في هذا الأمر من ناحية راتبي وراتبه، جيبي وجيبه، قد ترغب الزوجة في منح أهلها من راتبها أو يرغب الزوج بمساعدة أهله أيضاً قد يرغب أحدهم بالتوفير لأمر ما في المستقبل البعيد، بينما يرغب الآخر في صرف النقود على مسألة قريبة، هي تأخذ راتباً هل يجب أن أترطك لها مصروفاً، كل هذه المسائل وأكثر يجب أن يتفق عليها الزوجان من فترة الخطوبة حتى، فهما سيتشاركان منزلاً واحداً وحياتين، ومن هنا نعلم أهمية توضيح الأمور من البداية والاتفاق على ما يرونه مناسباً للجميع، فكل الأمور التي ذكرتها في الأعلى لا شيء منها خطأ ولا شيء منها صواب، هي فقط قد تناسب أشخاص ولا تناسب غيرهم لذلك من المهم توضيح هذه النقطة مسبقاً.
3. العلاقة الزوجية: العلاقة بين الزوجين وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية تولد مع الزواج، لذلك من الطبيعي أن يتعلم الزوجان معاً ما يحبان وما يكرهان، ما يفضله كل طرف أكثر، وما هي الطريقة التي يحب الطرف الآخر أن أعبر فيها عن حبي له، الاهتمام والرومانسية وغيرها من هذه التفاصيل الخاصة بالعلاقة قد تشكل مشكلة إذا ما تم التعامل معها بشكل خاطئ، فقد تجد من يدخل مؤسسة الزواج وهو يمتلك تصوراً معيناً لا يمت للواقع بصلة فيظن أن هناك علة بأحدهما والحقيقة أن لا علة في الموضوع، الأمر وما فيه أنه أمر جديد على كلا الطرفين وعليهما أن يتعلّمانه معاً بدون تصورات مسبقة ومع إعطاء الأمر الوقت الكافي.
4. العائلة: وغالباً ما تظهر هذه المشاكل مع الرجال أكثر من النساء، حيث يكون ارتباطه بأسرته قوياً ولا يفسر مفهوم العائلة إلا من خلالهم ولا ينظر إلى زوجته على أنها فرد العائلة الجديد بقدر ما هو مسؤولية جديدة، فتظهر المشاكل عندما يبدأ الزوج بإظهار هذا الفرق للزوجة، كأن يجعلها تشعر أنها عبء وطلباتها هم، بينما كل شيء يجب أن يتم توفيره لأسرته، وينسى أن هذا البيت هو أسرته الثانية ومن هنا تبدأ المقارنات والمشاكل، لذلك من المهم أن يدرك الطرفان أن البيت الجديد هذا هو أساس لتكوين أسرة جديدة أصلها زوجين محبين.
من وجهة نظري هذه هي أهم الدروس الصعبة التي يجب أن يتعلمها الزوجان في السنة الأولى من الزواج لضمان الحفاظ على مؤسسة تربوية ناجحة يسود على جوها التفاهم والحب والاهتمام.