أباح الإسلامُ للمُحرِمِ اصطيادَ الحَيوانات البَحْرِيِّة وأكلها, بعكس اصطياد الحيوانات البرية،
لقوله تعالى: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون" ( سورة المائدة: 96 )
فصيد البحر مباحٌ لكل شخص وبكل حالٍ ومكانٍ وزمان، أما صيد البر فمحرمٌ على المسلم في حال إحرامه للحج والعمرة فقط ومباحٌ له في غير هذا الحال والمكان والزمان، وهذا مما أجمع عليه العلماء.
والحكمة من هذا التفريق في الحكم بين صيد البر وصيد البحر للمُحرِمِ بالخج والعمرة:
أن صيد البر فيه مطاردة للصيد وتدبير المصائد والأفخاخ وقتلٌ وإراقة دماء، والمُحرِم في حالة تفرغ للعبادة، وهذا الصيد لا يناسب آداب الإحرام وسِلْمَهُ وسكينته وسلامه، بينما صيد البحر على العكس من ذلك ليس فيه ذبحٌ ولا سفكُ دمٍ ولا مطاردات للصيد.
وحكمةٌ أخرى وهي أن مُسافر البحر لا يملك غير الصيد من البحر إن انتهى طعامه وضاقت به السُبل، فصيد البحر خَياره الوحيد لينجو من الهلكة، بعكس مسافر البرّ الذي أمامه خيارات كثيرة من النباتات والطعام حين يمر من المدن والقرى والاستراحات فيستغني عن الصيد ولا يقع في الهلكة.
وحكمة ثالثة: أن أصل حكمة تحريم الصيد على المُحرِم حفظُ حرمة الكعبة ومكة المكرمة، وأرض الحرم المكي كلها برّ ليس فيها بحر، وبالتالي فصيد البحر لا يدخل في التحريم.
وصيد البحر يشمل كل حيوانات الماء التي لا تعيش إلا فيه ويكون إخراجُها منه سببَ موتها، ولا يشمل ما يعيش أحياناً في البرّ وأحياناً في الماء كالضفدع والسلحفاة.
وكلمة ( طعامه ) في قوله تعالى: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ " تشمل ما طفا على البحر من حيواناته ولو لم يكن سبب موته صيد الشخص له، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عن البحر: " هو الطَّهورُ ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُهُ "