بالرغم من أن الأزواج المطلقين عادةً يُسلبون من حياة أطفالهم، وتُسلب منهم قيمة الأبوة والأمومة، إلا أن
الدراسات أثبتت، أن المتضرر الأكبر من الطلاق أو إفتراق الأبوين هو الطفل. يتدمّر الطفل من نواحي عدة أبعادها كالتالي:
- الشعور المستمر بالوحدة والهجران، تراجع الصورة التي يشكّلها الطفل عن نفسه وتدهورها، لأنه غالباً ما يغذّيها الأبوين.
- الطفل الذي يعيش من غير أب، يعاني من صعوبات اجتماعية، صعوبات في تكوين صداقات مع الأطفال، حتى تصرفاته وأسلوبه يتغيّران، يتقّنع بعضهم بقناع الشخصية المخية المهيبة، الشخصية التي تتبختر وتأمّر وتتنمّر، لتغطية الجروح والندوب النفسية التي تركها فقدان الأب، لتغطية الكراهية المتكومة في نفسية الطفل، القلق والبؤس.
- 71% من الأطفال المنقطعين عن مقاعد الدراسة، لا يملكون أباً، يتراجع مستوى الطفل الأكاديمي حين يعيش بدون والده، القراءة، الرياضيات ومهارات التفكير.
- 85% من الصغار في السجون، لا يملكون أب.
- يتعرض الكثير من المراهقين الذين ليس لديهم أب لمشاكل جنسية كثيرة، حمل في فترة المراهقة، جوع مبكر جداً للذكور وخصوصاً للكبار بسبب غياب صورة الأب التي تحتاجها كل فتاة وصبي، فيتم تعويض الأب بالرجال الغرباء الذين لا يهمهم في الحقيقة غير التسلية.
- 90% من الأطفال الذين لا يملكون منزلاً، المتسولون، يفتقدون الأب أيضاً.
- تشير الدراسات إلى أن الأطفال قبل مرحلة الدراسة، الذين لا يعيشون مع والديهم، يتعرضون لإحتمالية إعتداء جنسي بنسبة 40% أكثر من الذين يعيشون مع أب وأم.
- الأشخاص من غير أب, يدخلون في علاقات عاطفية وجنسية مبكراً كثيراً لتعويض النقص الأبوي، وبسبب العلاقة المبكرة تزيد نسب الطلاق.
دراسة بريطانية درست 15 الف عائلة، لتقييم وتحليل مشاكل الطفل بتقدير نقاط القوة والضعف في العائلة، كالموارد، الصحة النفسية للأبوين، والعلاقة بين الأبوين. وجدت الدراسة أن غياب الأب، إلى جانب الفقر والقلق النفسي الناتج عن الوالدين، جميعها عوامل تساعد على تدمير نفسية الطفل عبر سنتين لاحقتين. كذلك فإن غياب الأب قد يكون من مسببات حدوث اضطراب الشخصية الحدية لدى الطفل، فرط في النشاط وتزعزع عاطفي. غياب الأب هو من أكبر مسببات التصرفات المختلّة لدى الأطفال، وليس نتيجة. الخطر النفسي الذي يولده.
غياب الأب يمتد طول العمر. الأطفال الذين يعيشون مع والدهم، ويتمتعون معه بعلاقة جيدة، هم أكثر أرجحية أن يجتهدوا في المدرسة، وبالطبع هذا له الأثر الأكبر على باقي المراحل العلمية والعملية.
في النهاية أنصح بقراءة كتاب إختراع العزلة لـبول أوستر، لإشباع الفضول حول مشاعر الإنسان الفاقد لوالده.
وأود زيادة نقطة. إن فقدان الأب يعلم الطفل تحمّل المسؤولية في الكثير من الأحيان، وفقدان الأم كذلك، لكن غياب العنصر الأبوي في العائلة، قد يُجبر الإنسان على الحلول محلّ الأب، للنهوض بالعائلة بدل تركها لتتدمّر.