كل شيء تمر به في الحياة، يصنع قطعةً مميزةً من شخصيتك. فهنالك الكثير من الأشياء التي تعلمتها في حياتي، والتي سأتعلمها في المستقبل. منها ما كانت بسبب الخبرات التي مررت بها، ومنها ما استنبطته من خبرات الآخرين. بعضها كان يعزز ثقتي بذاتي، وبعضها يحبطني ويحُّد من عزيمتي. فكل هذه الخبرات لها الفضل الآن بكوني من أنا.
أول شيء تعلمته في حياتي هو رباطة الجأش، وقوة الشكيمة، والإصرار على ما أريد. وهذا ما جعلني أعشق قراءة الكتب، وأسعى لتثقيف نفسي بنفسي، وحثّني على الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة الدقيقة، وتتبع أخطائي للوقوف عليها وإصلاحها وعدم تكرارها. ومن ذلك إصراري على استكمال دراستي الجامعية في الدبلوم ما بعد البكالوريوس، وكان ذلك بعد تخرجي بستة عشر عامًا. ولا زلت أطمح لاستكمال الدراسات العليا مهما بلغت من العمر.
تعلمت أن الحياة بخصائصها وتعقيداتها لن تقف عندي، فلست الفريدة في هذا الكون، بل تستمر في الانطلاق، وعليً اللحاق بركابها وتطوير ذاتي، لا الاستسلام لما كنت عليه، وأن تغيير المسار يرفع من سقف التحديات. فقد كانت رغبتي بدراسة اللغة الإنجليزية، والتخصص بالترجمة الفورية. إلا أنني انصعت لرغبة والدي في دراسة مادة الكيمياء التي كنت أُكِنُّ لها القليل من الحب، فوجدتني أزداد بها عشقًا وهيامًا بعدما التحمت مع الدوارق الدائرية والمخروطية، والسحاحات، وأنابيب الاختبار وموقد بنسن وخزانة الغازات، وجهاز الأشعة فوق الحمراء. خضت معارك مع االتجارب المخبرية التي أنفذها، فتارة تنجح، وتارة أخرى تفاجئني سحابة من الغازات ترتفع صاخبة لتنذر بحدوث خطأ ما. لأكتشف أن مسيرتي في الحياة هي حُب ما أصنع وصُنع ما أحب.
وكدروسٍ إضافية، تعلمت أن أثق بمن يستحق، فليس كل صاحبٍ صديق، وليس كل قريبٍ حبيب. وأن أخلص بما أعمل ولو كان ضعيف المردود، فعملك هو مرآة لك، يحدد ما أنت عليه. فلا تلتفت لمن يحد من طموحك ويستهزيء بإخلاصك، فسيُرد لكل شخصٍ بمقدار ما اجتهد. سيرد لك الإخلاص في مالك أو أولادك وأهلك أو صحتك. ستقطف ثمار إخلاصك أضعافِا مضاعفة، حتى أنك ستتعجب من هذا الرزق بلا حساب.
كن ما تريد أن تكون، فأنت نجمة مضيئة متفردةُ في المجرة، ابق ضياءك الساطع قويًا، ولا تسمح بانطفائك، فهناك من يستضيء ببهائك، فلا تخذله.